;
نجيب أحمد المظفر
نجيب أحمد المظفر

حينما يصبح القتل ديناً..! 2062

2012-05-14 03:08:43


ممارسة القتل باسم الدين يعد حرباً على الدين الذي يدعي هؤلاء القتلة أنهم يخدمونه ويذودون عن حياضه، ذلك أن الإسلام يمتلك بتعاليمه وأحكامه وقيمه قوة ذاتية تمكنه من الاستمرار والبقاء، وما التوسع السلمي والمشهود للإسلام اليوم إلا خير شاهد على هذا، فالإسلام اليوم لا يحتاج إلا إلى من يحسن تسويقه وإيصاله إلى الناس بمنهجية:( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، منهجية الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، المنهجية الربانية التي ارتضاها الله لإقامة حجته على الخلق كلهم أجمعين لا فرق بين كافرهم ومسلمهم، وإذا كان التأكيد عليها في التعامل مع غير المسلمين فهي في التعامل مع المسلمين أأكد، وإذا كان مستند من يمارسون القتل باسم الإسلام فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده من قتالهم للفرس والروم وغيرهم فإن هذا القتال لم يكن مقصوداً في حد ذاته وإنما كان لإزاحة من يحولون بين الإسلام وحرية الناس في اعتناقه، وهو ما برهنت عليه مكاتبات النبي صلي الله عليه وسلم لكسرى وقيصر، فقد قال صلي الله عليه وسلم في رسالته لقيصر: اسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن أبيت فعليك إثم الاريسيين، والاريسييون هم الفلاحون، فقد بين النبي هنا أن على هرقل إثم الفلاحين إذا هو حال بينهم وبين وصول الإسلام إليهم ليعتنقوه أو يرفضوا اعتناقه لان الله جعلهم مخيرين في ذلك مصداقاً لقوله جل في علاه:
(وقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) ولما استمر هؤلاء الملوك في مصادرة حريات الناس قاتلهم النبي وأمر أصحابه بقتالهم لا ليُجبر الناس في الدخول في الإسلام ولكن لتعاد للناس حرياتهم المصادرة وليجد الإسلام من الحرية ما تكفيه للوصول إلى الناس، فإن شاءوا أخذوه وإلا فلا إكراه في الدين، ومن هنا نقول لممتهني القتل باسم الإسلام إن النبي كان يجاهد ليجد الإسلام حريته في الانتشار وأنتم تقاتلون لتكبلوا الإسلام عن أن ينتشر، لأنكم إنما تسوقون الإجرام لا الإسلام، وأنى لشخص أن يحترم الإسلام أو يعتنقه إذا كان المسوق له يقدمه في ثوب قبيح، هذا إذا كان التسويق للدين عند الكفرة الملحدين فكيف إذا كان تسويق الدين يتم بهذه الطريقة بين أوساط المسلمين، بلا شك أن هذا من أهم الأسباب التي تدفع الناس للتحلل من قيمه، لان من يعتقد أن الإسلام دين رحمة وسلام ويجد ما يُمارس باسمه يصادم نصوصه، خصوصاً عندما تكون هذه الممارسات من قبل من يدعون أنهم دعاته، فإن هذا بلا شك يزعزع ثقة ضفاف الناس بهذا الدين وهذا من أدعي الأسباب لحدوث الانفصام بين الدين والواقع، بل يجد العلمانيون في هذه الممارسات ما يسهم في إيجاد الأرضية الخصبة لنشوء أفكارهم وترعرعها، وهنا لا يسعنا إلا أن نقول إن هؤلاء القتلة المجرمين لا يمتون للإسلام بصلة، ولا نستطيع أن نصفهم بما وصفوا به أنفسهم من نصرة للشريعة، لكنا نصفهم بما وصف النبي صلي الله عليه وسلم قائدهم الأول ذو الخويصرة اليماني الذي برز يوم حنين مدعياً نصرة الشريعة، اشد من نصرة من نزلت عليه وذلك حينما اعترض يوم حنين على قسمة النبي صلي الله عليه وسلم للغنائم قائلاً: يا رسول الله اعدل، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: « وَيْحَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلْ» فقال عمر رضي الله عنه: إئذن لي فيه فأضرب عنقه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :«دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَأونَ الْقُرْآنَ لاَ يَجُاوزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ» فلا يوجد بعد هذا الوصف من وصف ابلغ وأصدق فيمن يستبيحون الدماء المحرمة باسم نصرة الشريعة التي جاءت نصوصها محرمة لدماء المسلمين التي استباحوها دون وجه حق إلا ما سوغته لهم عقولهم وشياطينهم من تكفير للمسلمين، مع أن أهل الإسلام يقولون لأن تخطئ فتحكم لشخص بالإسلام خير لك من أن تخطئ فتقذف مسلماً بالكفر، فكيف بهؤلاء الذين سلوا سهامهم القاتلة تجاه الجيش والمجتمع مع أنه كان عليهم وعلى من يسير على طريقتهم أن يعودوا إلى رشدهم ويقفوا عند قول الله:( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).. إننا بنصوص الشريعة التي هي بريئة كل البراءة من نسبتهم لها نخاطبهم، كما نخاطبهم بخطاب الشعب الذي يتوق لعودتهم إليه مواطنين صالحين لهم ما له وعليهم ما عليه بدلاً من بقائهم متنكرين له غير أبهين به وذلك بإصرارهم على البقاء خادمين بأفعالهم هذه لعلى صالح وعصابته الماكرة المارقة، من ثبت فعلياً داخليا وخارجيا أن السلاح الذي يقاتلون به هو من سلحهم به، إذ لا يعرف أي يمني سوقاً تباع فيه الدبابات والهاونات على امتداد الجمهورية، إذ لا وجود بين أسواق السلاح المنتشرة سوقاً يباع فيه هذا النوع من السلاح، كما ثبت للداخل والخارج زيف تلك الاسطوانات المشروخة التي كان يرددها النظام البائد والتي كانت تحكي قصص اختراق قادة القاعدة لأسوار سجون المخابرات في عدن وصنعاء بملاعق الطعام ليلوذوا بالفرار منها في روايات أشبه بالخيال فاقت في السيناريو والإخراج أفلام هوليود، لقد بات العالم اليوم على دراية تامة أن القاعدة لم تكن في اليمن سوى فزاعة للاسترزاق يستجلب من خلالها علي صالح الأموال والعتاد العسكري لينتهي به المطاف وتحت لافتة مكافحة الإرهاب، أن يبيع السيادة الوطنية ولا يبالي في صعلكة يتبرأ منها صعاليك الدنيا عربهم وعجمهم قديمهم وحديثم جنهم وإنسهم، فعلى المجتمع اليوم أن يقف بكل شرائحه ومكوناته الجماهيرية ضد هذه الطائفة التي ظلت، وعليه أن يعرف جيداً من يقف خلفها، لتترسخ لديه قناعة بأن في استكمال الاجتثاث لبقايا النظام السابق اجتثاث للقاعدة, فما على الشعب إلا أن يتسلح بالإصرار لمواصلة إجتثاث بقية أفراد العائلة التي عاثت وستعيث في الأرض الفساد إن غض الشعب طرفه عنهم.   

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد