ينظر الكثير منا إلى الحياة نظرة سخرية واحتقار ولا مسؤولية، غافلاً عن الهدف من وجوده والغاية من خلقه، تلك اللامبالاة التي يفتعلها فرد واحد في عائلة كبيرة يمكن أن تكون سبباً كافياً لإسقاط تلك العائلة في حفرة الدمار والهلاك ومن ثم الفناء المحتم.. إن خطاً واحداً تقترفه يد ملوثة بتلك الصفات العاثرة قد يوقع أمة كاملة في مأزق كبير لا حدود له أبداً..
والشاهد هو هذه الشعوب التي دفعت الثمن كنتيجة لسخرية حاكم أو لا مبالاة مسؤول أو ذهول ولي أمر عن صميم واجبه وعميق مهامه.
نحن ننظر للحياة بعين الاعتباط ونتغاضى بحمق عن اختيار الطريق السائب أو الوسيلة الناجمة أو الكلمة الهادفة التي يمكن أن تسهل علينا إنجاز مهامنا في وقت قياسي ومناخ جيد وبيئة صالحة للإنتاج الفكري والإنساني.. ذلك الحبل الذي يتدلى من فوهة البئر ليرفع دلواً ويسقط آخر، يقطع في الصخر ويخلف أثراً يدل على وجوده وهو أضعف من الصخر مادة ومعنى.. أعلم أن العزيمة في اليد التي تحرك الحبل وليس في الحبل ذاته لكنه حبل الدوام الذي قطع الحجر!..
إذاً فنحن بحاجة إلى المداومة على الالتزام والجدية وإعطاء الأمور حقها من الاهتمام حتى لا نقع فريسة لاستهتار بنيناه بأيدينا صخرة صخرة حتى وجدنا أنفسنا فجأة أسرى لأخطائنا وسجناء لزلاتنا التي لا تنتهي.. علينا استشعار المسؤولية في كل جوانب حياتنا، في مشاعرنا تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، في استهلاك الخدمات وصرف الطاقة واستخدام سلع الحياة المادية أو المعنوية، يحدث ذلك حتى تستمر الحياة على وتيرة الأخذ والعطاء والتعاون والإيثار، لأن أحدنا لن يكون مؤمناً حقاً حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.. إستهلاك البعض للماء يجعل الآخرين يموتون عطشاً، استهلاك الطاقة الكهربائية بشكل عشوائي يبقي الآخرين في الظلام، الإسراف في الشراء يبقي الآخرين عراة وجوعى.. ولهذا يجب أن يتوفر سلوك الجدية والمسؤولية في تصرفاتنا وعلاقتنا بالآخرين وهذا مبدأ حضاري تقوم على أساسه أمم وتنشأ عليه مجتمعات ولقد كان مجتمعنا الإسلامي وأمتنا المحمدية من أحرص المجتمعات والأمم على تطبيقه حين كانت تؤمن بأنها الأمة الوسط والأمة الأخير في غرس الفضائل وبذر القيم الإنسانية.. استشعار المسؤولية تجاه الآخر يحرك الوازع ويبقي الضمير في حالة يقظة مستمرة وهو من أهم ما يدعم تلك العلاقات الاجتماعية الشائكة والمعقدة في حياة المجتمعات، لأن هذا الشعور الراقي يمكنك من منح الآخر ما يستحق مع عدم التعدي على حدوده الظاهرة أو تلك المطلقة في خياله.
وفي النهاية علينا إدراك أن فساد المجتمعات اليوم يعود لعدم إعطاء أنماطنا الدينية والأخلاقية والسلوكية المختلفة حقها من الجدية والمصداقية والتوازن المادي والمعنوي.. وإذاً خذوا الحياة على محمل الجد ولا تنظروا إليها بعين الاعتباط!.
ألطاف الأهدل
لا تنظروا إليها بعين الاعتباط !! 2122