تلفت نظري كثيراً تلك الخطوط الهيروغليقية أو الأفريقية أو الفرعونية أو نقوش الحضارات الغابرة ما قبل بداية التاريخ البشري والتي تخطها أيدي الأطباء دون وعي أو شعور بالمسؤولية، ولو لم أقع في فخها لما تنبهت إليها وقد كنت أسمع بما تسببه من أخطار على المرضى فلا أكاد أصدق ذلك.. إن شرف المهنة لا ينص فقط على قسم صوري أو شفهي ينطقه اللسان ولا تتبناه الجوارح، بل هو أعلى وأسمى من ذلك بكثير، حيث أن مهنة الطب رأسمالها أرواح الناس وأرباحها محصودة من آهاتهم وأوجاعهم ومعاناتهم التي لا يقدرها الأطباء في أغلب الأحيان.
وبالعودة إلى قضية روشتة الطبيب الشبيهة بطلاسم والغاز ونقوش قديمة على جدران الكهوف المظلمة في بلادٍ تعيش خلف أسوار التاريخ الحضاري فإن تلك الخطوط لا تعدو عن كونها استعراض عضلات أو فراهة أطباء لا إحساس لديهم بالمسؤولية تجاه مرضاهم وهم يفعلون ذلك بمنتهى اللامبالاة في مجتمع ثلاثة أرباعه يعانون من الأمية اللغوية، إضافة إلى إصابتهم بالأمية المعنوية التي لا تمكنهم من الوقوف أمام الأطباء بصلابة للمطالبة بحق بسيط من حقوقهم كمرضى وهو أن يتعرفوا على أمراضهم ثم يفهموا طريقة الاستشفاء معها خطوة بخطوة وكأن هذا الطبيب القابع على مقعدة أحد الفراعنة العظام في مقبرة مظلمة أصابتها لعنة الموت قبل الأوان كما كان يعتقد الفراعنة في ذلك الزمان! فلماذا الخوف إذاً وهم بشر مثلنا من لحمٍ ودم يمكن أن يصيبوا ويمكن أن يخطئوا؟! هذه دعوة لأطباء هذا الوطن الذين كان دورهم رائعاً في أيامٍ مضت حيث ثارت الأمة اليمنية بحكم الفقر والجهل وقلة الحيلة، دعوة للالتزام بقسم المهنة الذي يحتم عليهم التعامل مع المريض كإنسان قبل كل شيء وأن يخلوا ذممهم من أي مسؤولية تخطها أيديهم قبل أفواههم وأن تكون روشتة الدواء لا مقصد منها إلا تخفيف الألم والأخذ بأسباب الشفاء وليس المتاجرة بالأدوية للحصول على نسب زهيدة سيتلفها الله على صاحبها بظلمه لمريض كان بحاجة للرعاية والعناية وصحوة الضمير فقط فإذا به يقع فريسة لأمراض أخرى كان الدواء اللامسوؤل سبباً في ظهورها أيها الأطباء ما بين أيديكم من العلم نقطة في بحر العلم الدنيوي الذي لا يدرك حدوده إلا مالك السماوات والأرض، فلا تغرنكم تلك الكلمات اللاتينية التي حفظتموها عن ظهر قلب في جامعاتكم التي سقتكم العلم ولم تجرعكم العمل به كما ينبغي.. فقط نريد بعض الإنسانية وشيئاً من المسؤولية وخط واضح على روشتة الدواء يمنع وقوع أخطاء صرف الدواء ومن ثم حدوث أمراض أخرى غير تلك مسبوقة الدفع كحد أدنى أو الوفاة كحد أقصى.. أيها الأطباء أحسنوا وصف الأدوية وليكن الخط واضحاً بما يكفي حتى لا يخطىء الصيادلة ويهلك المرضى بين جهل طبيب وصيدلي وأمية مريض لا ينشد إلا العافية..
ألطاف الأهدل
روشتة طبيب 2063