استغرب كثيراً من إصرار بعض المثقفين (جداً) من التركيز على جواب المرأة المثقفة ووصفها بشيء أسود متحرك، خالعاً عليها ألفاظ التبعية والعبودية والوصاية وكأنها كائن متحرك مسلوب الإرادة خالٍ من المشاعر والأحاسيس والقدرة على إثبات وجود الذات مادياً ومعنوياً..
يتحدثون عنها وكأنها من الرمل يجب التخلص منه حتى يحلق منطاد الحُرية عالياً إلى حيث اللامعقول، تلك الحرية التي لم نعرف منها إلا إصبع الروج وقلم الحواجب وعباءة مزركشة بألوان الفرح وجُنبات من يرتدينها يئن من الألم!.. فالذي لا يعرفه دعاة السفور الفكري أن المرأة المتبرجة تعاني على أيديهم الأمرين ولكنها لا تستطيع التعبير بحرية عن تلك المشاعر التي تكسو جوارحها لأنها باختصار دمية بين أيديهم، فهم من لقنها أبجدية السفور وهم من دفعها لدخول معترك القوانين المتناقضة بين إنصافها أو اتهامها أو تهميشها وهم من كفرها في نهاية المطاف حين وصلت جرأتها إلى أبعد من أنوف المريدين لها بالسفور.
قصة سفور المرأة على أيدي هؤلاء طويلة جداً، فهي تبدأ بخلع الحجاب وتصل إلى خلع المعتقدات ومن ثم خلع الحياء والدخول في دائرة الانتهاكات اللامحدودة، هذه القصة لا يجب أن تغيب فصولها عن المرأة في اليمن لأن المخطط الذي يدور الآن ان تستخدم كل طاقات المرأة لإظهار جوانب الخلل المخطط في تاريخ حياتها وكأنها تجبر على عرض موروثها الثقافي والديني والاجتماعي كبؤرة نتنة تسبب في بقائها خلف صفوف المثقفات والمتحررات ومن يجدن استخدام تفاصيلهن الأنثوية في الوصول إلا ما يُردن!.
ولأن المرأة في اليمن أقوى وأكبر من كل تلك الدعوات الاستفزازية كان التركيز عليها أكبر بكثير من أي امرأة وفي أي دولة أخرى، فمن قانون بغيض تبيح عمالة المرأة اليمنية في دول الجوار إلى خطط تنموية مرتبطة بالسيطرة على منافذ الدخل البسيطة للنساء الأشد فقراً أو الواقعات تحت خط الفقر إلى سواها من الأصوات الداعية إلى الدخول على مملكة المرأة اليمنية عن طريق حاجاتها الاقتصادية ورغبتها القوية في بناء الذات وقدرتها على إنجاز الكثير من المهام خلف ستار الحاجة المادية الذي يستغله هؤلاء أسوأ استغلال ممكن.
وفي الحقيقة يجب الانتباه إلى أهمية توعية المرأة في اليمن من مخطط اخلاقي دنيء جداً يروج له البعض من داخل الوطن، مبتدئين بحجاب المرأة وكأنها قد حصلت على كافة حقوقها ولم يبق إلا أن تنظر في أمر هذا الحجاب الذي صان جسدها وحفظ أنوثتها وأزال من طريقها من بسط ذراعيه بالوصيد لاهثاً خلف سراب!.
وبعد، فما الذي يخافه البعض؟! وما هو نوع الأذى الذي حل بهم من حشمة المرأة؟! ولماذا يظن هؤلاء أن المرأة المحجبة أو المحتشمة امرأة متخلفة تعيش بأفكار رجعية؟! وهل معنى ذلك أن الحضارة كلها مختزلة في أصبع روج أو خط رفيع يظهر جمال الحاجين أو رشة عطر مثيرة تصدع أصحاب الأنوف الجائعة؟!
ما الفرق الذي يصنعه هؤلاء بين امرأة لا يظهر منها إلا عينيها وكفيها فقط وامرأة أخرى تزيد على ما سبق أنف مستقيم وشفاه ناعمة؟!
ألطاف الأهدل
عن ذلك الشيء الأسود الجميل.. 2352