منتهى العدل أن تصفدني بقيود الانتظار إذا كان لموسم الحصاد في قلبك سنابل، أيها الساكن في مقلتي إليك أصابعي العشرة فابحث بينهن عن مفردةٍ ذبيحةٍ تعض بعدها أصابعي من العدم! لا شيء يقتلُ زنبقة وقفت في وجه الريح إلا أصابع مغلفة بالجنون، يالهذه الأوتار كم فضحت شجوني وأعلنت على مسامع المفردات ظنوني، ما عدتُ أتقن الشعر لأجعلك في قافية، لم يعد لحبري النضيبُ مقهى وشوارع المدينة لا تعي أن تصبح أسطراً وفي قلبي الكبير تنام مشاعري في سباتٍ عميق!.
ها أنا ذا أعيدُ ترتيب تابوتي وأستوطن ذاكرة الموت وأستعد لبرزخ الحب الذي كتبت أنت فصوله الداهنة، ها أنا ذا أخيط أكفان قلبي وأتشرنق بين طياتها كدودة قز عارية!.
مللت الرقص أمامك كفراشةٍ تحيط بساعديها أجنحة خفاش جبان! أصحبت أمقت الليل وأبقي شموعي يقظةً حول ضريحك المجهول أيها الظل الذي لم يعد يعنيني، ما عدت أخشى الظلام كطفلة معلقةٍ في رحم الخوف، ما عدتُ شباكاً يطل على بستان رغباتك الموحلة، أنا لم أعد تلك الجنية التي تسكنك، ولم أكن يوماً مصباحك السحري ذا الزوايا الفاتنة! فدعني أموت بسلامٍ، دعني أحتضر كما تحتضر الملكات على فراشهن الدفيء، دعني أغادر هذه الحياة دون أن أخدش صور أمنياتك ولو بأوراق وردة! دعني أجرع سم الخيانة بصمتٍ على مائدة أحزاني فلقد مللتُ الغفران يا سيد العاثرين، سئمتُ الصفح يا شيخ التائهين، كرهت أن أبدو كبائعة الماء في حارة السقائين!.. يا سيدي أطلق عنان الروح حتى لا أشعر أنني رهينة وأن ما بين يداي من الأسفار والتراتيل والألواح مجرد تعويذة وأن جسدي كهف خفافيش عمياء وبلا أجنحة! دعني أبحث عن وجهي قبل أن أرحل بلا هوية، دعني أغرق أكفاني برائحة السكينة حتى لا تجتاحني فوضى شفتيك وأموت بلا ذاكرة صوت! إمنحني بعض النسيان حتى أغمض عيناي وقد أعدتُ لنفسي بعض الوقار، دعني أنسجُ خيوط ذاكرتي من جديد حتى يصبح لي تاريخ وجغرافيا وسياسية وشعب ووطن.. دعني يا سيدي أذوي إلى عالمي الآخر قبل أن تتساقط أوراق الخريف وأصبح على أبوب الشتاء وحيدة!.
دعني أراوغ بعضي حتى أنام في قبري قريرة العين، فتلك المضغة النابضة في صدري تلفظ بعضك وتبقي شيئاً منك في احشائها حتى تصاب مشاعري بالتخمة؟! دعني ولا تجبرني أن أتقيأ ذاكرتي بين يدي لحظة زهوٍ فاترة، لا تحاول أن تشاطرني غفوة الموت فما من قبرٍ يتسعُ لامرأة مثلي عاشت في ظل رجلٍ مثلك!.. يا لهذا الحظ أتعبني، حتى في ساعة الاحتضار لم أجد من يمنحني الدفء غيرك!..
ألطاف الأهدل
برزخ الحب .... 2337