هذه جملة غنائية سمعتها في إحدى حافلات الأجرة وأنا ذاهبة في مشوار من مشاوير هذه الحياة التي حملتنا ما لا نطيق مما نرى ونسمع، استذكرت بعدها بعض طبائع الناس وكيف يعبر عن مواقفه عبر سلوكيات منافية تماماً لما يحمله من مشاعر طيبة وعفيفة وراقية، تماماً كما كان يحدث في بعض مواقف الثورة والثوار الصغار من هتافات أعطت مجتمعنا الثوري انطباعاً خاطئاً عن هذه الثورة وأهدافها العميقة التي كان يجب أن تتجاوز مستنقع الألفاظ والإسقاطات وردود الأفعال الشخصية إلى ما هو أعظم وأعمق وأقوى لصالح المواطن والوطن.
استخدام الألفاظ المشينة والمسيئة للناس ليس بالأمر الصعب، بل هو أسهل ما يمكن للمرء أن يفعله اليوم، لكن تبقى هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها وأبجديات إنسانية لا نريد أن نتعدى عليها وحقوق شخصية كفلها ديننا وأخلاقنا وسعينا الحثيث لبناء مجتمع حضاري متمكن من رؤاه المستقبلية عبر استخدام لغة القانون للتعبير عن متطلبات المرحلة.
لا يعني أننا ثائرون أن نكون خاوين من فضيلة حسن الظن بالله قبل ولاة الأمر، أو أن نكون مجيدين للعبة التلاسن والاعتداء على أعراض الناس، أو أن تدفعنا الحمية والإحساس بالظلم إلى السلب والنهب وإلغاء أبجديات التراحم والتكافل والسمو الإنساني، بل إن التأسيس لنجاح الثورة كان بجعلها سلمية من استخدام السلاح رغم وفرته وسيكون تتويجها بالنجاح متوقفاً على جعلها سلمية لفظياً وأخلاقياً ودينياً وثقافياً، بحيث لا نستخدم بارود الكلمات ورصاصات الغضب لقتل صورتنا المشرقة كثوار أمام الآخرين.
أبناؤنا الشباب في جميع ساحات الوطن قطعوا شوطاً طويلاً في التأسيس ليمن جديد ومعافى من حمى الفساد والظلم والمحسوبيات، مات منهم من مات وبقي منهم من بقي وهؤلاء تحديداً تقف على رؤوسهم مسؤولية إكمال المشوار الطويل والوفاء بالعهد الكبير الذي قطعوه معاً حين تقاسموا في عزّ الموت لقمة الألم وتجرعوا مرارة البقاء في معزل عن صوت الحق حين كانت منابر الوطن شاغرة من كل شيء إلا الباطل.
استرسلت في التعبير عن مشاعري تجاه الشباب وبقيت أكرر في نفسي دون أن أشعر ".... لكن طبعك شين وعشرتك مرّة، هذا اللي خلاني أنساك بالمرة!!"..
يجب أن نتعلم التعبير عن مشاعرنا السلمية بشكل سلمي، ويجب أيضاً أن نؤسس للدولة المدنية بشكل مدني وحضاري، ويجب أن نتعلم شفافية التوجه حتى لا نقع في رذيلة البحث عن أعذار يراها الآخرون أقبح من ذنوب اقترفناها بسبب اندفاعاتنا غير المدروسة نحو أهدافنا غير الواضحة وهذا بمجمله سيؤثر على مسار ثورة بيضاء ونريدها أن تبقى بيضاء إلى الأبد مهما حاول الآخرون تلطيخها بازدواجية المقاصد.
ألطاف الأهدل
لكن طبعك شين وعشرتك مرّة!! 1928