من المؤسف ما يحدث اليوم للوطن من تزعزع وتفكك وانقسام، ولكن يجب أن يعلم الجميع أن كل ما يحدث هو من صنع أيدينا أولاً وآخراً، لأن الخطاب القرآني واضح وصريح ولا يقبل التأويل (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) وبالرغم من كل ما يحدث إلاّ أن البعض يصر على إصلاح الخطأ بالخطأ، لدرجة أن يكون هذا الخطأ سياسة عامة أو أسلوباً عاماً أو أداة عامة.
ما الذي يحتاجه الشعب اليمني حتى يستطيع أن يستغل ثرواته ويترك دوامة التسول الرسمي وغير الرسمي التي دخلت علينا في الفترة الماضي وإلى اليوم؟! لماذا لا يتم الإستعانة بأصحاب الخبرات والمشاريع العملاقة من داخل الوطن حتى يتم إستغلال ثروات اليمن والإنفاق على شعب اليمن من حديقته الخلفية؟! لماذا لإصرار على تجاهل قدرات الإنسان اليمني وإهمال خيرات الأرض؟!.
إن من المؤسف جداً أن نكون في نظر العالم من شعوب الأرض الفقيرة والمعدمة، بينما يقول الواقع عكس ذلك، نحن من الشعوب الكسولة والمبذرة والتي تفتقد للتخطيط لمستقبل أيامها النقدي، لقد عرفت ذلك وأنا أجوب شوارع المدينة ضمن حملة "مدينتي" التي أطلقت برعاية خاصة من محافظ تعز وتبناها كثيرون من مثقفين وناشطين ومبدعين ومتفانين في حب الوطن من أبناء تعز والذين أطلقت عليهم الحملة "سفراء المدنية" تقديراً لجهودهم المبذولة في خدمة المدينة بيئياً، حيث كنت قريبة جداً من مقالب النفايات ورأيت بداخلها ما لم أكن أتخيله من كميات الطعام الملقاة بإستهتار تام، سواءً كان مصدره المنازل أو المطاعم المجاورة لأماكن رمي النفايات تلك، لقد رأيت كميات كبيرة من الأرز والخبز والبطاطا وبعض أنواع الخضار وشعرت بأن المرأة اليمنية بحاجة لدروس تدبير منزلي أكثر من حاجتها للحصول على مقاعد برلمانية لا تسمن ولا تغني من جوع! نعم، فكيف نقول إننا نعاني من مجاعة ونحن نعاني من سوء تدبير وسوء تخطيط وعدم قدرة على رسم ميزانية معيشية معتدلة؟! إن التخطيط ورسم الميزانيات لا يعني التوفير فقط، بل يعني أيضاً حسن تصريف المتاح الذي يمكن أن يستفيد منه سوانا من الناس من أصحاب الحاجة، فلا يعني إذاً أن الاقتصاد المعيشي قد يدر أرباحاً، لأنه إن لم يفعل ذلك فهو لم يتسبب في القضاء على رأس المال بطريقة غير مدروسة.. وإذاً فثروات الوطن موجودة والكفاية المعيشية أيضاً موجودة وفق إمكانياتنا المحدودة مهما كانت بسيطة والوطن بحاجة فقط إلى من يضع الخطط المدروسة بشكل دقيق لاستغلال موارده، وإثراء مصادرها والحفاظ عليها كدعامات اقتصادية تنهض بالوطن من كبوة الفقر والمجاعة، دعم المحاصيل الاقتصادية بُحلّة جديدة متميزة، إنشاء مصانع ضخمة للتعليب والتغليف الخاص بالإنتاج الزراعي اليمني لمختلف المحاصيل، تضييق الخناق حول عنق الإنتشار اللامعقول لشجرة القات وفرض ضرائب مرتفعة على أصحابها... هناك الكثير من المشاريع التي ستدر أرباحاً طائلة للوطن غير تلك المشاريع المعتمدة على النفط والثروات السمكية والحيوانية والمعدنية والصخرية وسواها الكثير الكثير مما يمكن الاعتماد عليه بدلاً من الاعتماد على المصروف المدرسي لطلبة مدارس الدول الخليجية التي لن تنسى ما فعلت على مدار تاريخنا الحضاري المعاصر!.
ألطاف الأهدل
تسوّل بطريقة رسمية! 1958