الغالبية العظمى منا تشاهد باهتمام كبير هذا المسلسل المحلي الذي حاز على إعجاب الجمهور كوميدياً، لكنه حاز على إعجابي لأسباب أخرى كثيرة، كان من أهمها أنه صور الاتجاهات السياسية التي لعبت دورها الكامل أثناء الثورة، فمن قمة متسلطة إلى قاعدة شعبية منقسمة وصولاً إلى قرارات عقلانية قد لا تستطيع النأي بالقضية إلى طريق الحسم النهائي، لكنها على الأقل ساهمت في حقن الدم والوقوف في محطة الثورة السلمية حيناً من الدهر.
نسأل الله أن تكون نهايته محققة لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فينا بلين القلوب ورقة الأفئدة، والاحتكام إلى صوت العقل وقوة الإيمان. ففي الوقت الذي يسعى فيه بعض أهل القرية لأخذ حقوقهم بالقوة يسعى البعض الآخر لتحكيم العقل واللجوء للقانون وإثبات صحة الدعوى بالحجة والدليل الواضح، لكن هذا الاختلاف بين أهل القرية سيعطي أصحاب القلوب المريضة والأنفس الخبيثة فرصة لاستعراض الآراء والحلول الرخيصة التي تبحث عن أنصاف الحلول ليبقى من حقها دائماً أن تستصرخ الناس وتستحث اندفاعهم نحو التعبير عن غضبهم بطريقة عشوائية، قد تجد في داخل القرية نفسها تياراً مضاداً لها.
ومن هنا تنشأ دائرة الصراع والانشقاق وتتحول القضية إلى مجرى آخر تماماً لا يبحث في مصلحة الجماعة وإنما يحاول تبرئة وتمجيد وإعلاء الرؤية الفردية حتى لو كان الأمر على حساب شعب بأكمله.
ومن هنا كان التوحد في الرأي ضرورة وتغليب المصلحة العامة سبب من أسباب نجاح الرؤى الجمعية كالثورات التي قامت ولم تقعد في وطننا العربي اليوم.
أحب مراقبة تفاصيل المسلسل ورموزه وإشاراته القوية التي يطلقها في وقفات لفظية لا تعبر إلا عن معاناة واقعية شديدة كانت ولا تزال دافعاً قوياً لاستئصال كل فكرة ملوثة تحاول وأد حرية الإنسان وتحويله من كائن حي مخير إلى مجرد كائن ريبوتي مسير، مسلوب الإرادة، فاقد القرار، لكن لي ولسواي من الناس مآخذ أخرى حول عادات وتقاليد وأعراف لم يعطها القائمون على المسلسل حقها الكامل بالرغم من أنه كعمل فني يحمل رسالة إعلامية قوية جداً تمثل في تشريح جسد البنية الاجتماعية اليمنية وفق معطيات مرحلية مواكبة وموائمة لفكرة المسلسل الرئيسة.
ومن هنا يجب إدخال فكرة العالمية وتحقيق مبدأ الانتشار الإعلامي الذي يجب أن يصبغ أعمالنا الإعلامية سواءً كانت مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فكان من الضروري أن يكون هذا المسلسل تحديداً وعبر نخبته الفنية المتميزة سفيراً لعاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا اليمنية المحافظة كما كان سفيراً لمعاناة مجتمعنا من سطوة الجهل والمشيخة والتسلط.
ألطاف الأهدل
همي همك.. البحث عن الهوية 2253