كثيراً ما نقع في حفرة النسيان أو يصيبنا ذلك الفقدان الجزئي للذاكرة بالخمول الذهني حتى نفقد القدرة على تذكر أشخاص لم تفصل بيننا وبينهم فترة زمنية طويلة ولكن ربما فصلت بيننا وبينهم وجهات نظر مختلفة أو عدم قدرة على الانسجام أو التعارف والائتلاف الرباني.
شخصياً واجهة ذلك مراراً سواءً مع اساتذتي في المهنة رجالاً كانوا أو نساء أو تلاميذي من فتيان أو فتيات، ولأن الاسم يكون لصيقاً عادة بالشخصية كما هي الصفة لصيقة بالموصوف، فإن مجرد نسيان اسم الشخص الذي أمامك يمنعك من إيجاد مخرج لفظي من هذا المأزق اللهم إلا إذا كانت الصفة أقوى وأبرز وأكثر حضوراً من الموصوف وهذا أمر نادر الحدوث في أغلب الأحيان، ولهذا كان الترميز لاسم الشخص مهماً قبل حفظ الاسم في ذاكرة شبه ممتلئة بالبشر والأماكن والأزمنة وقصص السياسية والدين والمجتمع غير مكتملة العناصر!.
والترميز هو إسقاط صفة لصيقة بالشخص تناسب اسمه وعادة ما يكون الترمزي متضمناً لاتجاه الفرد أو صفته الوظيفية أو أبرز صفاته الأخلاقية سواءً كانت سلبية أو إيجابية.. ومهما كانت قدرتنا على استخدام الترميز كمخرج من مواقف معينة، إلا أن المهم أن نتعرف على أسباب النسيان التي تجعلنا نبدو أقل فهماً وذكاءً أمام الآخرين.
ليس هناك أسباب محددة للنسيان وهذا أمر محسوم علمياً أتى على خلفية دراسات مستفيضة ومتطورة لكنها تعجز عن توصيف الأسباب الحقيقة لهُ وربطها بعمق الحدث أو سطحيته، أهميته أو عدم أهميته بالنسبة للشخص نفسه.
سبعون بالمائة من تلك الأبحاث العملية تتحدث عن أهمية المعلومة لدى الشخص وإنها ترتبط بذاكرته بقدر الفائدة التي يرجوها منها، مقارنة بتلك المعلومات التي لا يرجو منها الإنسان أي فائدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تبقى بعض المعلومات الخاصة بالمناهج الدراسية عالقة في أذهان التلاميذ لسنوات طويلة لأنها تتعلق بالإنسان والطبيعة وتخضع للتجربة والقياس البشري ولهذا فهي تثبت أطول فترة من الزمن بعكس تلك المعلومات الرياضية أو الهندسية غير القابلة للقياس والتطبيق، فهي تتلاشى بسرعة كبخار الماء، اللهم إلا لمن يظل عاملاً في مجالها باستمرار، إذاً فأهمية المعلومة أو عدم أهيمتها تعد واحداً من أسباب حدوث النسيان عند الإنسان، أضف إلى ذلك إزدحام ذاكرة الإنسان بالكثير من المعلومات والمواقف وردود الأفعال التي تثير حفيظة الإنسان وتعكر صفو حياته كتلك المشاكل والأزمات المادية أو العاطفية والتفاعلية التي لا يملك البعض مهارة التخلص منها وإفساح المجال في الذاكرة أمام رصد معلومات جيدة تخدم مستوى الإنسان الفكري والذهني، الأدبي والعلمي أكثر مما يتصور، وهذا الأمر يشبه تماماً إزدحام خزانة الملابس التي تخص أحدنا بثياب قديمة مهترئة وغير صالحة للاستخدام والتي بمجرد التخلص منها يتضح لنا كم هي خزائننا كبيرة ويمكن أن تستوعب ثياباً أجمل وأحدث من تلك التي لا يعد لها مكاناً لدينا.
المنبهات والمسكرات وبعض الأدوية التي تعالج الأمراض المزمنة أو المتعلقة بالمناعة كل ذلك له تأثيره على ذاكرة الإنسان وبالتالي على نسبة الحفظ واسترجاع المعلومة لديه، بعض الأمراض أيضاً وخاصة الحمية منها تؤثر سلباً على الذاكرة وتتسبب في تراجع نسبة الحفظ والربط والتوصيف لدى الإنسان العادي، وإذاً فالتركيز أثناء الحصول على المعلومة وترميزها داخل الذاكرة ومحاولة التخلص من تلك المعلومات المثيرة للقلق وتناول أغذية تساعد في تقوية الذاكرة كالتمر والعسل والزبيب والمكسرات والامتناع على تناول المنبهات بكثرة ومحاولة رفع مناعة الجسم، كل ذلك سيؤدي بشكل أو بآخر إلى تحسين الأداء الذهني لدى الإنسان بكل تأكيد.
ألطاف الأهدل
عفواً.. نسيتُ إسمك! 2247