الرهان الحقيقي لتستكمل الثورة تحقيق أهدافها، والتي على أساس تحققها تقوم الدولة وتٌبني جميع مؤسساتها، يكمن في تحقق الوعي الثورى المجتمعي، الذي ينعكس تحققه من عدمه بالسلب أو الإيجاب على كافة مقدرات الدولة، وهو ما يجعلنا في الحقيقية اليوم بقدر ما نعاني من أزمات في مختلف الجوانب المتصلة بحياة المواطن المعيشية نقر أننا في اليمن نعاني من أزمة وعي كبيرة تقف وراء التأزم الحاصل والأزمات المعاشة التي يعيشها الوطن ويتضرر منها المواطن بصور مختلفة، وغير خاف على ذي عقل أن وراء أزمة الوعي هذه جميع الأطراف السياسية القائمة اليوم على الساحة والتي كانت وما تزال جميعها تراهن على المستوي المتدني للوعي بين أوساط المجتمع والذي تستطيع من خلاله أن توجه سواد الناس الأعظم ليدور في فلكها ويسبح بحمدها من خلال دغدغتها لعواطف هذا الشعب الذي أصبح الكثير من أبنائه لا تقودهم وتوجههم لاتخاذ قراراتهم وبالذات فيما يتعلق بمشاركتهم في الحياة السياسية المشاريع والبرامج، بقدر ما تقودهم وتوجههم العواطف والتعصبات الجهوية والمناطقية والحزبية، وليت النخب السياسية والأحزاب والمنظمات الجماهيرية وحتى الفرد نفسه الذي يعيش أزمة وعي أن يفكروا جميعاً بتوعية مجتمعية حقوقية تنعش في الناس قوة الحق لا حق القوة، من خلال تبصير الناس بحقوقهم الدستورية والقانونية التي لا يعد إيصالها للمواطن منَّة من أحد ولا تقبل بحال من الأحوال المساومة، فنشر الوعي الثوري بهذا المفهوم هو ما نحتاجه اليوم وهو الرهان الذي تراهن عليه الثورة لنجاحها ويراهن عليه الثوار في طريق إقامتهم لدولة المؤسسات دولة النظام والقانون دولة المسؤولية والمحاسبة دولة الحرية والعدل والمساواة، فالوعي الثوري اليوم هو طوق نجاة الثورة من أمواج دعاة الثورة المضادة الذين يعوا جيداً مكمن الضعف الذي من خلاله يمكن لهم النفاذ إلى بعض الأوساط الثورية، فضلاً عن عامة الناس لتسويق شائعاتهم والترويج لأراجيفهم لإجهاض الثورة التي لا رهان لها لتستكمل أهدافها إلا على الله أولاً ثم على وعي أبنائها الذين يجب عليهم اليوم أن يعوا حجم التحديات والمخاطر المحدقة بثورتهم ليدركوا أهمية تماسك جبهتهم الداخلية وضرورة التئام اللحمة الثورية.
نجيب أحمد المظفر
أزمة الوعي 1992