من كمال خلق المرء أن يحفظ اسمه من العطب والتلف عبر التخلق بالفضيلة قولاً وفعلاً والسعي للحفاظ على نظافة سيرته وبقاءها عطرة، إذ أن من الناس من يعيش بعد موته عبر بقاء سيرته الأخلاقية مضرباً للمثل والقدوة للإحتذاء ومن الناس من ينقله الموت إلى عالم النسيان لأنه عاش دون أن يترك أثراً أو يخلف إرثاً أخلاقياً يذكره الناس من بعده.
وفي إشارة النبي الكريم "إنها صفية" دروس عظيمة تصب كلها في خانة أخلاقية راقية تتعلق بسيرة الإنسان وصيته "بكسر الصاد وتسكين الياء" الذي يجب أن يبقى لامعاً براقاً نقياً من الأتربة السلوكية السيئة التي يمكن أن تفسد تاريخ الإنسان وتقف حائلاً بينه وبين الوصول إلى ما تشتهي نفسه من المناصب والصور الوظيفية المختلفة وظيفياً واجتماعياً أو حتى سياسياً، ومن هنا وجب على الإنسان أن يبتعد عن مواطن الشبهات والتهم حتى لا تلتصق به رغماً عنه أو على غفلةٍ منه دون أن يشعر.
فكم من سجينٍ بات خلف القضبان أسيراً الشُبهة "بضم الشين" وكم من برئٍ صرعته التُهم "بضم التاء" وهم لا يعلم أنهُ يقف على مسرح الجريمة!..
ولهذا أقول إن من كمال العقل أن ينظر الإنسان تحت قدميه ويحاول أن ينصت لوقع خطواته حتى إذا شعر أنهُ يقف على منطقة خاوية من العفة والفضيلة انسحب دون قيدٍ أو شرط.. نقول هذا إيماناً منّا بأن الإنسان إنما هو موسوعة أخلاقية متحركة والدليل أنه ما من وظيفة أو عمل إلا ويكون من أول شروطه "حسن السيرة والسلوك" ومهما حاول البعض أن يختفي خلق صورة مؤقتة لحسن الخلق فهو حتماً يفشل في ذلك، لأن مضمار العمل هو المحك الذي يكشف حسن النوايا من سوءها وطيبها من خبيثها.. إذاً فقد آن الأوان أن نتوقف عن التعامل مع أنفسنا وكأننا ممثلون على المسرح، لأن الكاميرا الحقيقية ليست أمام الستار أو خلفه بلى هي هناك في أعماق النفس الإنسانية التي تؤمن بأن "الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.. وإذا كنا فعلاً نؤمن بكل ما سبق فيجب أن نعلم أن الأمة المحمدية مميزة بأخلاقها التي كان نبراسها خاتم الأنبياء والمرسلين. وهنا يجب أن نتوقف عن التطبيع مع أي دولة أو جهة أو فئة يمكن أن تجرنا علاقتنا بها إلى مهاوي الردى عبر شراء سلعة أو تحقيق مصلحة أو رفع شعار، لأن كل هذا يعتبر من باب المناصرة والأمر يستحق منا مراجعة النفس والبحث عن براهين قوية وأدلة دامغة تثبت صحة ذلك من عدمه.
ولهذا وجد مبدأ الإشهار في ديننا أو الإعلان عن لغتنا العصرية، ولا أجد بداً من القول: إننا نضع أنفسنا في موضع شبهة حين ندعي حب النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نهجر سننه ونأتي كل ما نهانا عنه ونجتنب كل ما أمرنا به ومن الأمانة منذ اليوم فصاعداً أن ندافع عنه عبر الإقتداء به وإحياء سننه التي لا يعلمها الكثير من الناس وهذا فقط ما سيجعل أعداء هذا الدين يقفون عند حد المشاهدة دون الوصول إلى جرأة النقد والتعديل، فكونوا رسلاً لهذا الدين وكونوا رسلاً لأنفسكم وابحثوا في إمكانية الوقوف في المكان الأفضل دائماً وتذكروا قاعدة "إنها صفية" كلما أردتم أن تخفوا ما لا يمكن إخفاؤه أبداً.
ألطاف الأهدل
إنها صفية! ..... 2341