هذا السكون الذي تعيشه مشاعرنا الوطنية يتضح جلياً في أعيادنا الوطنية التي لم تعد كما كانت الأعياد من قبل تعودنا كل عام بهداياها إلينا وهدايانا إليها، اليوم لم تعد تغمرنا تلك الفرحة الراقصة بألوان البهاء والأمل،هم الوطن يكبر كما تكبر أجيال هذا الشعب بذات الحلم الوردي الجميل الذي يأبى أن يتحقق كما تتحقق أحلام الشعوب، أعيادنا أصبحت بلا ميلاد وكأنها لم تكتب على أسطر التاريخ بالدم والنار والبارود وموت الإرادات البريئة، أعيادنا أصبحت كالدخان الذي لا يحمل على ذراته رائحة العطر أو نكهة العود والبخور، تمر كما تمر علينا الأحزان تترى في جنائز يودعها الوطن كل يوم، لم يكن لرحيلها سبب إلا هذه الطائفية والعرقية والقبلية التي دمرت نسيجنا الوطني وأتلفت جلبابه الذي ستر عورة الانفصال والتفرق فينا وساقنا بحكمة اليمانيين إلى حوار مهما تأخرت نتائجه إلا أنه سيكون كما كانت مواقف اليمانيين من قبل مضرباً للمثل.
أعيادنا أصبحت كطعام المريض الذي لا يستسيغه إلا محروم أهلكه الجوع وهدّه الألم، يا لهذا اليأس والركود الذي أصاب عزائمنا، ترى ما الذي كان ينقص هذه المعادلة حتى تصبح صحيحة وموزونة كما ينبغي؟! وهل نحن بحاجة فعلاً لتغيير منهجيتنا التربوية أم السياسية؟!.
أعيادنا أصبحت نكرة في كتاب الأيام حتى لم نعد نراها بحجم الإنجاز ولون المعجزة وحتى أصبحت تلك المناسبات في نظر البعض موسماً لتصفية الحسابات التاريخية وفرصة لاقتناص جوانب الضعف والقصور لدى الآخر والتصويت لأقليات عابثة خلف ستار الأحداث ومحاولة إعادة تعبئة الفراغ السياسي الذي استهلكتهُ العدادات غير المقروءة حكومياً.. أصبحت أعيادنا مواسم لكل ذلك وأكثر من ذلك حتى أصبح السعبين مسرحاً للموت الذي تبثهُ موجات الأُثير مباشرة أمام العالم وحتى أصبحت مؤسستنا العسكرية مطمعاً لمصاصي الدماء ومرتعاً لذوي العاهات العقلية والروحية وحتى أصبح شباب الوطن هدفاً لأرباب التخريب ومشاهير المفسدين في الأرض وحتى أصبحت نساء الوطن وفتياتها وأطفالها ذخيرة يرُاد بهم الوصول بهذا المجتمع المحافظ حسن السمعة إلى مهاوي الردى وما خفي في بطن السياسة كان أعظم مما نرى ونسمع.. أعيادنا أصبحت مزاراً لمن سكنتهُ الأحزان وفارق في كل عيدٍ من أعياد الوطن حبيباً أو قريباً أو حلماً لاح على جدار الأمنيات كان ينبغي أن يصبح حقيقة لولا هذا الشُح "بضم الشين" الذي سكن نفوس الناس واستوطن قلوبهم وصار ترجماناً بينهم وبين ما يمليه عليهم الشيطان لعنه الله..
أعيادنا أصبحت مجرد ذكرى جامدة تشبه تماماً تلك الكلمات التي يتبادلها الناس بلا إحساس في فجر يوم عيدٍ وئيد..
ألطاف الأهدل
أعياد بلا ميلاد! 2243