أستعير عناوين مقالاتي أحياناً من تلك المواقف أو الأحداث التي أمر بها خلال يومي وأنا أسير بمعية الصبر جنباً إلى جنب في مشاوير الحياة المتخمة بالفوضى والضجيج والعشوائية.. مؤخراً وفي أحد باصات الأجرة أطلق السائق عنان جهاز التسجيل وكان من بين تلك الأغاني التي نسمعها مجبرين ونرددها مرغمين أغنية جديدة للفنان الخليجي صاحب الحنجرة الدافئة (حسين الجسمي) لم يلتقط رادار أفكاري إلا بعضاً منها، لأني وكعاتي كل يوم أجعل فترة الجلوس في تلك الباصات رحلة سفر في وجوه البشر وعناق مع أرصفة وحواري وأزقة مدينتي الجميلة (تعز)... يقول المقطع الأول من تلك القصيدة المغناة:
حبيبي برشلوني ويموت ببرشلونة * وأنا مدريدي لكن بغير لعيونه
معه أمشي بدربه أحب اللي يحبه * ولو لمتوني عادي كفاية يرضى قلبه..
واستدركت عندها تلك المشاكل التي تصل إلى بريد القراء الخاص بي والتي تصب أغلبها في بئر الحب ويعجز أصحابها عن فهم شركائهم أو الانسجام معهم، تلك العلاقات لم تصل إلى أعلى درجات الحب الحقيقي الذي يتنزه عن غذاء الجسد متجاوزاً إياه إلى غذاء الروح، متمثلاً في الإيثار والتضحية والعطاء الصافي النقي البعيد عن سياسة التزكية والتعقيب وقرع الطبول الفارغة، فما الذي يحدث مثلاً لو أن كل رجل وامرأة يجمع بينهما عقد شراكة زوجية أن يقدما ولو بعض التنازلات التي تسهل سير القافلة وترفع رصيد كل طرف لدى الآخر؟ ما الذي يمنع الزوجة من احترام أهل الزوج رغبة في رضاه وحباً فيه مادام أهل الزوج هؤلاء ليسوا من سلالة العم سام ولا من مستوطني تل أبيب؟ وما الذي يحول دون حالة وفاق بين الزوج وأهل الزوجة ما دامت الأخرى وليفة الروح وعديلة النفس وأم الأولاد وست البيت؟
أعتقد لو أن كل زوج وزوجة حاولا خلق حالة من الانسجام والتواؤم والوفاق بينهما وحاولا أيضاً استيعاب وجهة نظر كل منهما بروح رياضية وطهارة نية وسلامة قلب وحب للآخر، لن يكون هناك حاجة لتحكيم الأهل و(حشر) أنوف المقربين من الناس وفرض وجود محاكم أسرية وهيئة قضاء ومحامين يستغلون مشاعر الزوج والزوجة بأقذر طريقة ممكنة على خلفية مادية وواقع تعليلي قاصر وشهادات متفجرة بالخبث وسوء النوايا.. ما الذي يحدث لو أن الزوجة مالت إلى إرضاء الزوج حباً وكرماً وتدليلاً وترفعاً عن الشحناء والبغضاء وكل زوج تعجل في التعبير عن مشاعره وأظهر ردة فعل متعجلة أو قاسية أو مستهترة، عاد واعتذر وقدم هدية بسيطة أو كلمة حب رقيقة، ترى هل كان سيبقى بين الرجال من قلبه حجر وهل سيبقى من النساء من لسانها كتاب مستطير؟.. أعتقد أن جميعنا بحاجة إلى تعلم فنون التعامل مع الآخر واستيعابه والذوبان في عالمه والسماح له بالذوبان في عالمنا..
/
ألطاف الأهدل
حبيبي برشلوني!! 2371