مؤشر قراءة مستقبل أي أمة، إستراتيجية التعليم ومدى اهتمام ودعم الدولة للعملية التربوية والتعليمية، حيث اعتبر طه حسين العلم كالماء والهواء لأهمية التربية والتعليم في نهضة وتطور الأمم، باعتبارها أسمى رسالة وأداة تهذيب للإنسان وتطوير ملكاته وبها يرسم مستقبل الأمم، فالأمم، التي قررت النهوض بأوطانها، بدأت بتغيير سياستها التربوية والتعليمية لتواكب تطورات العصر، ورسم سياسة تلبي تطلعات أبنائها لصنع جيلاً متسلحاً بالعلم وأدوات النهضة والارتقاء، جيلاً صاعداً يحطم قيود الماضي وينطلق للمستقبل .
كنا قد بدأنا المرحلة الانتقالية كمرحلة إعادة ترميم وبناء مؤسسات الدولة الاتحادية المدنية المنشودة، تحقيقاً لطموحات الجماهير في التغيير، فانقلبوا عليها، لأنها تبدأ بأهم ركن من أركان المجتمع وهو الإنسان ومنه الجيل الصاعد البنية الأساسية للمستقبل القادر على الحفاظ على كل الانجازات التي ستحقق نهاية المخاض بإذن الله بل قادر على تطويرها وتحسينها، بما يواكب التطورات الجارية في العالم والدول المتقدمة.
اعتراهم الخوف من الثورة تعليمية على طريق التغيير وتحقيق أهداف الثورة الشعبية، لأن التربية والتعليم في بلدنا يعاني كثيراً من القصور والإخفاقات خاصة وأن مدارسنا أصبحت مخرجاتها للأسف هي تعصب باطل وأمثال مغلوطة وأدراك غير صحيح وعادات ذميمة والنتيجة هي مجتمع ممزق متصارع متطرف للامعقول ومناهجها لا تخدم هويتنا ولا ثقافتنا ولا مستقبلنا وتبدأ الثورة بمؤتمر تربوي تعليمي عام.
ما مسنا لتقييم تجاربنا إن وجدت واستعراض تجارب ناجحة لمن سبقونا في هذا المجال بإشراك كل المهتمين والاختصاصين في التربية والتعليم في البلد ذوي العقول النيرة طاهرة من شوائب الماضي البائس، من المهتمين والحريصين على المستقبل، نحن بحاجة لإستراتيجية تعليم، وهدف وطني عام، يدفع بالنهوض ويحطم القيود لينطلق الوطن للمستقبل إلى مصاف الدول المتقدمة بإذن الله .
والتربية والتعليم ليست مجرد شحن الذاكرة بحقائق ومعلومات عن الرياضيات واللغة والجغرافية والتاريخ وغيرها بل هي عملية تربوية تعليمية متكاملة لبناء الشخصية اليمنية المتطورة من جميع الجوانب بوسائل وطرق حديثة نتائجها مثمرة وفاعلة، لها أثرها على الواقع من كل النواحي، هي عملية تخص العام، والجريمة الكبرى التي ترتكب بحق الوطن والإنسان عندما تتحول التربية والتعليم لأداة بيد مكون سياسي أو فكري أو عقائدي، يشحن من خلالها عقول ونفوس التلاميذ والطلاب والدارسين بفكره وقناعاته وتعصبه، جريمة مع سبق الإصرار والترصد بحق الوطن والأمة، ترتقي لمستوى الخيانة العظمى، ما يقوم به اليوم الانقلابيون اليوم في تغيير المناهج بأفكار مذهبهم وقناعاتهم التي تتعارض وحرية الفكر والثقافة والمساواة والعدالة، هي جريمة يعاقب عليها القانون والدستور والديمقراطية والدولة الاتحادية بكل قيمها ومبادئها، نحن أمام خطر مدمر يجتاح العقول ويشوه الأفكار ويرسم مستقبلا موحشا وجيلا متعصبا ومتزمتا وعنيفا وإرهابيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نحن أمام ظلام يجتاح الساحة ليقضي على كل بذرة نور تلوح في الأفق ويطفئها، ليبقى الوطن مظلما موحشا تحت سلطتهم ولتنفيذ أجنداتهم الإقليمية .
التربية والتعليم هي أداة التغيير الايجابي والسلبي، فلا يمكن أن نقبل كشعب وأمة وأي غيور على وطنه وعروبته وإسلاميته، أن يقبل أن تكون التربية والتعليم أداة التغير السلبي لمزيد من الانهيار الأخلاقي والفكري والثقافي والعقائدي والسياسي، على الحوثيين وحلفائهم أن يعرفوا أنهم أمام شعب عريق وأبي لن يقبل أن ينجر خلفهم كرعاع ويسمح لوطنه أن يكون بؤرة لأجنداتهم وأفكارهم المدمرة، عشم إبليس بالجنة.
على الشرعية تكثيف جهودها لتصحيح أوضاع التربية والتعليم من المناطق المحررة ومن عدن كعاصمة لهم، لإصلاح حال التعليم والعلم والثقافة بهما تنهض الأمم وتتجاوز معوقاتها وتنعم الأوطان بالعزة والكرامة والازدهار .ولا يمكن إصلاح البيت التربوي والتعليمي دون الاهتمام في أهم محور من محاوره وهو المعلم حامل الرسالة وذلك بتحسين مستواه المعيشي والاجتماعي وان نميزه في المجتمع بإعادة قانون المعلم ونضمن له حقوقه ونسهل أموره الحياتية والصحية ويمكن بناء مستشفى المعلم العام ونحصنه من التأثيرات السلبية ويمكن أن نفرض عليه في القانون واجبات تتناسب ومستوى الاهتمام به وعقوبات صارمة للمخلين بالآداب والقيم الإنسانية وأن نحسن عملية اختيار المعلم بمواصفات تتناسب والرسالة التي يحملها حتى نضمن بناء جيل جديد خالٍ من التعصب السلبي والرذائل الشريرة وان يكون مصدر نور وخير للوطن والأمة وكذلك الاهتمام بالمنهج الدراسي والوسائل التعليمية والمبنى المدرسي وحسن اختيار الإدارة المدرسية وتحريم النشاط الحزبي والتأثيرات الحزبية داخل الحرم المدرسي والجامعات والمعاهد .
وأن نأخذ ببعض التجارب الطيبة في الشطرين سابقاً، فمثلا في الجنوب كانت تدرس مادة البلوتكنيك في التعليم الأساسي وذلك بفتح ورش كهرباء ونجارة وحدادة في مدارس المدن وزراعة في مدارس الأرياف لتعليم الطلاب المبادئ الأساسية للحرف والمهن وإبراز مواهبهم وقدراتهم وحسن اختيار مسارهم للمستقبل، الثانوي أو المهني، خاصة وأن هذه المواد الرافدة للعمالة المهنية للسوق المحلي إلى جانب الاهتمام بالفنون والثقافة والرياضة والاهتمام والمسرح والفنون المختلفة والمكتبات والملاعب والصالات الرياضية بالمدارس..
هذا إذا أردنا أن نضمن عدم إعادة إنتاج الماضي ومآسيه وأن يكون هناك تغيير حقيقي نحو مستقبل منشود..