آخر شيء كان ينتظره الحوثيون وحليفهم صالح، التوصيف الذي أطلقه عليهم قيادي بارز في الحرس الثوري الإيراني معروف بضلوعه في التدخل الإيراني بقضايا المنطقة، وأعني به سعيد قاسمي.
"الشيعة الأقزام اليمنيون الذين يتأزرون بفوطه ويضعون خنجرا على خصورهم والذين أسميهم شيعة الشوارع، كونهم لم يكونوا مثل اللبنانيين وليسوا بمتمكنين ولا متحضرين وحتى ليسوا جميلين وحتى لا يقارعوا الأوربيين".
هذه هي خلاصة الأوصاف التي أطلقها سعيد قاسمي على الحوثيين وعلى أنصار صالح الذي ساندوهم في الميادين وفي جبهات القتال، ولا تظنوا أن هذا يزعج عبد الملك الحوثي وأبناء السلالة التي ينتمي إليها.
لا يريد زعيم الميلشيا ومعه المخلوع صالح أيضاً من أي أحد بما في ذلك الحلفاء أن يفضح الخلطة السحرية التي أنتجتها كهوف مران ومعسكراتها السرية، هذه الخلطة التي مكنت الحوثيين من قتل أنفسهم والآلاف من أبناء جلدتهم في سلسلة حروب عبثية متتالية جزء منها كان ضد نظام المخلوع صالح، وآخرها اتحدت أهدافه مع أهداف المخلوع صالح الذي لم يعد رئيساً بل زعيم عصابة.
لا أحد يتحمل المسؤولية الأخلاقية عن الإهانة التي لحقت بجزء من اليمنيين أكثر من المخلوع صالح الذي لولا خيانته للدولة اليمنية وللنظام الجمهوري لما تمكن هذا القطيع من البشر من تجاوز كهوف مران.
في الواقع يتشاطر قاسمي بتوصيفاته الجريئة لحلفاء بلاده وعملائها في اليمن، الانطباعات ذاتها مع معظم اليمنيين، إزاء عصابة همجية نتنة وضع المخلوع صالح في يدها سلاح الدولة ومكنها من المعسكرات، وسخر لها خبرات الجيش القتالية لكي تنفذ انقلاباً على السلطة الانتقالية، أملاً في عودته إلى السلطة وهذا هو هدفه الخاص، وعودة الإمامة إلى اليمن وهو الهدف الذي يعلو على هدف المخلوع ويبتلعه.
فالخطة تقتضي أن يكون هؤلاء وقود معركة طويلة الأمد للاستحواذ على السلطة، ولن يجدوا أفضل من "شيعة الشوارع" هؤلاء على حد وصف قاسمي، للقيام بهذه المهمة الشاقة واللاوطنية والمميتة والهمجية.
حينما ادعى قادة إيرانيون بأن صنعاء أصبحت تحت نفوذهم كان هذا الادعاء أهون بكثير وأقل إيذاء للكرامة، مما نسمعه اليوم من هؤلاء المسؤولين الإيرانيين، فالأمر هنا يتعلق برؤية الإماميين الجدد الذين تقوم أيديولوجيتهم السياسية على فكرة حكم "ابن البطنين" والذي لا تحد دولته حدود ولا كوابح ولا يقيم اعتباراً للفواصل التقليدية بين الدول والنفوذ، ما دام يقبع هناك في هرم السلطة ويتحكم بمقاليد الأمور.
التوصيفات المزعجة التي أطلقها سعيد قاسمي على حلفاء بلاده ومرتزقتها وأذيالها في اليمن وأعني بهم الحوثيين وحليفهم صالح، لا تنطوي على عقيدة استعلائية لدى هذا الرجل، بقدر ما هي توصيف تلقائي لحظي لحالة قائمة لا يمكن تجاوزها أو تجميلها، وهي فوق ذلك ملفوفة بالاستغراب والدهشة، من أن هؤلاء استطاعوا تحقيق إنجازات عسكرية كبيرة بهذه السهولة.
لكن قاسمي لا يعلم بأن عبد الملك الحوثي وسلالته في اليمن يتقربون إلى الله باحتقار اليمنيين وازدرائهم، ويسقطون عليهم في كل مجالسهم السرية الآية القرآنية القائلة: "الأعراب أشد كفراً ونفاقاً"، وهو توصيف ينطوي على قدر مثخن بالأحقاد وعلى نية أصيلة للاستباحة وليس فقط الازدراء.
لذا يزج بهؤلاء اليمنيين ويتم الحرص على أن يظهروا بهذه الهيئة المزرية شعثا غبرا لا يلوون على شيء، ولا يحترمون حق الناس في الحياة ولا يلقون بالاً لحياتهم هم أيضاً.
يتم شحنهم بالأحقاد والإحن وتحريضهم على القتل وتزويدهم فوق ذلك بأقراص المخدرات التي تصادر حقهم الطبيعي في التفكير وتجفف مشاعرهم الإنسانية، فيتحولون إلى أداة قتل غاشمة لا تعادلها أية قوة أخرى في الفتك والإيذاء.
حتى هذه اللحظة لم تصل بعد الأوصاف التي أطلقها سعيد قاسمي على مقاتلي الحوثي والمخلوع صالح في الجبهات وكلهم ينحدرون من نفس العائلات والقرى والمناطق.
لذا سيبقى هؤلاء على نفس الهيئة يقاتلون فحسب، يقتلون ويفجرون ويحاصرون المدن، إلى أن يأتي سلاح أشد فتكاً فينهي وجودهم كأشباه بشر لا علاقة لهم بالحياة.