رفضنا للانقلاب، هو رفضنا للفوضى وأدوات ما قبل الدولة، رفضاً للفاسدين والعابثين بالوطن وتسخير الدولة لأجنداتهم الشخصية وأنانيته المريضة، هو رفضنا للعنف وللمليشيات وللجماعات خارج الدولة، هو رفضنا لاحتكار المؤسسات واستثمار الوظيفة العامة واستغلالها الشخصي أو المناطقي أو الطائفي، نحن نناضل ونقاتل ونضحي من أجل المستقبل.. الدولة الضامنة للمواطنة والحرية والعدالة والنزاهة والتعايش والعيش الكريم، من يخرج عن ذلك هو هدف من أهدافنا النضالية.
متابعة الأحداث اليومية، تبدي مخاوفنا على المستقبل، نرى محاولات لإضعاف كيان الدولة، وبروز جماعات ومليشيات تتحرك في مربعات وتصنع الأحداث في ظل غياب واضح للدولة في ضبط إيقاع حركة تلك الأحداث، وإيقاف الضار منها ومراجعة المواقف التي تنحاز بعيد عن الهدف.
نلاحظ جماعات تحتكم لأفراد ولا تخضع لسلطة الدولة (القانون والنظام)، في منطقة تعج بالصراعات، جماعات وجماعات منشقة، أكثر المستفيد منها هي الدولة العميقة للاستبداد، هم الفاسدون والقتلة والمجرمون في تحالف الانقلاب على الدولة والحلم المنشود وأشباههم.
حركة الأحدث توحي لي كمواطن أن مسار إرساء دولة المواطنة يعاق، يرفضه البعض في كثير من الممارسات والتكتلات، أحلام تنهار لصالح قوى ما قبل الدولة، حقيقة مرة علينا أن نعترف بها ونعالجها حتى لا تستفحل أكثر ويصعب علينا وقف الانهيار،يجب أن يقول الشعب كلمته فيمن يريد أن يؤسس دولة داخل الدولة، في كل من يعيد تكرر سلوكيات الماضي ليؤسس أورام خبيثة داخل جسد الدولة يستخدمها عندما يشعر بخطر الدولة على مصالحه.
تحالف عربي وشرعية وقوى تحت سلطتها من مقاومة وقوات مسلحة وأمنية، وجدت لخدمة المشروع الوطني حلم وطموح الجماهير في الدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة لننهض كسائر الأمم، والشعب يراقب ويعرف من هم دعاة الدولة من غيرهم دعاة الفوضى والصراعات والاتهام والكراهية والإجحاف، والمناطقية والطائفية، وشحن الواقع بلغة العداء وفقدان المحبة والتسامح والوفاق.
وأصبحنا نتابع جماعات تصف أنفسها على أسس أيديولوجية، وجماعات تحركها أحقادها وضغائنها وكراهيتها، فينا تطرف ديني وسياسي وطائفي ومناطقي، لنبحث كيف نعالج ذلك، النكران يزيد من حجم المشكلة ليحولها لقنبلة موقوتة، فقد الكثير منا الانتماء للوطن، فقدوا الثقة بالمشروع الوطني، يرى البعض الدولة وهم بعيد المنال، حالة من الإحباط والانهيار، يستثمره المغرضون ليعيق دولة المواطنة التي تهدد مصالحه وفساده واحتكاره للثروة والسلطة.
جزء كبير من الشعب يئن وبطونهم خاوية، ومعاناتهم شديدة، رواتبهم في دهاليز البيروقراطية الفجة، وخدماتهم تتآكل على أيدي الفساد والفاسدين والمصالح والمحتكرين.
هل نحن في واقع العنف المشوه،الذي يفرخ لنا طفيليات سامه وخطيرة جماعات تبرز على حساب الدولة والحلم المنشود، أم هو رد فعل للماضي المشوه، وقد يراه آخرون أنه تطور طبيعي في منطقة لم تشهد تطورًا ديمقراطيًا في مراحل بناء ما بعد الاستقلال، وبالتالي كان منطقيا أن تتفجر توترات مكتومة، أيًّا كان التفسير، فالنتيجة أننا نعيش فترة تبرز فيها الجماعات على حساب الدول، وتلعب دورًا أكثر تأثيرًا في واقع التغيير والتحول المنشود، مما يشكل خطراً على مسار هذا التغير والمستقبل المنشود.