قد لا يبدو الأمر ملفتاً أن يستقبل الرئيس/ عبد ربه منصور هادي، السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، من كثرة اللقاءات التي بين الرجلين، والتي شهدت تغيرات متسارعة في مضمونها خلال فترة وجيزة نتجت عن ظروف انتقال السلطة في البيت الأبيض والتي أنتجت مواقف أميركية جديدة حيال قضايا المنطقة ومنها الحرب في اليمن.
فالسفير تولر نفسه كان قد نقل أنباء سيئة خلال لقاءاته السابقة بالرئيس عندما كان يمثل وزير الخارجية جون كيري قبل أن يخف الضغط الأميركي على الحكومة الشرعية، ويتبلور موقف جديد مريح نوعاً ما للحكومة الشرعية.
لكن وجود نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشئون شرق آسيا والأدنى تيموثي ليندر كنغ، وهو منصب له علاقة بشئون منطقتنا، يثير العديد من علامات الاستفهام، حيال طبيعة هذا اللقاء، وعما إذا كان هذا المسئول يقوم بإعادة تقييم الموقف في اليمن عبر هذا النوع من اللقاءات مع كبار المسئولين اليمنيين.
لكن كيف يمكن فهم مهمة كهذه فيما كان متحدث باسم الخارجية الأميركية قد أكد قبل عدة أيام لـ: صحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن " أهداف حكومة الولايات المتحدة بالنسبة للصراع الدائر في اليمن لا تزال متسقة من دون تغيير، وأن هدف واشنطن يدور حول العمل مع الشركاء الدوليين بما في ذلك المبعوث الخاص للأمم المتحدة بغية إحلال السلام والازدهار والأمن في اليمن".
كان لافتاً خلال لقاء الرئيس السفير تولر ونائب مساعد وزير الخارجية لشئون شرق آسيا تأكيد هذين المسئولين الأميركيين، حرص الإدارة الأميركية على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وإيقاف التهديدات التي تزعزع ذلك وخصوصا تدخلات إيران وأدواتها في المنطقة.
وقد يكون هذا اللقاء معني بإعادة طرح الأفكار الأميركية نفسها التي عبر عنها بصورة فجة وزير الخارجية السابق جون كيري. ومع أن البيانات الرسمية لا تكشف عن التفاصيل الحقيقية للقاء، لكن ذكر إيران في الخبر الرسمي للنسخة الحكومية من وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، يشير إلى حضور الأولويات الأميركية الجديدة في المنطقة والتي يأتي من ضمنها احتواء دور ونفوذ إيران في المنطقة والذي تتكبد جراءه اليمن حرباً شاملة هي الأسوأ في تاريخها.
لكن لماذا يتعين على الرئاسة والحكومة اليمنيتان ومعهما التحالف أن ينتظروا المزيد من الوقت قبل بلورة رؤية جديدة من شأنها أن تستثمر هذا التحول في مواقف الإدارة الأميركية، عوضاً عن انتظار المسئولين الأميركيين لكي يأتوا بأنفسهم.
هو السؤال المر نفسه الذي لن نجد له إجابة، خصوصاً إذا تعلق الأمر باستمرار الانحدار في الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في المناطق المحررة، التي لم تحظ حتى الآن بالاستقرار الذي تتطلع إليه، إذ لا شيء أكثر أهمية من أن يتأسس نموذج ناجح للإدارة والمعيشة الاقتصادية في هذه المحافظات التي ودعت مرحلة سيئة من تاريخها بعد انقضاء الحرب وإنجاز التحرير.
أي كان الموقف الأميركي إيجابياً فإن ثمة مخاوف عديدة تبرز إلى السطح من استمرار العقيدة السياسية للتحالف على حالها من الاستفزاز، فوفقاً لهذه العقيدة يقاتل التحالف العربي حلفاء إيران في اليمن، لكن دون نية حقيقية لهزيمتهم، في حين لا حلفاء حقيقيين له في اليمن حتى السلطة الشرعية والمنظومة المساندة لها.