;
ياسين التميمي
ياسين التميمي

مسيرة بنك الدم.. أرق الأسئلة 1591

2017-05-15 20:39:32

الحادي عشر من مايو يوم خالد في تاريخ اليمن، خلدته تلك الدماء التي أرهقها القتلة في لحظة تاريخية مفصلية أظهر فيها اليمنيون والشباب منهم على وجه الخصوص استعداداً لا حدود له للتضحية من أجل التغيير.
في مثل هذا اليوم خرج الشباب الثائر عصراً باتجاه مقر رئاسة الوزراء (السلطة التنفيذية في مستواها الأدنى) في تراتبية النظام السياسي الحاكم آنذاك ولا تزال، حيث يتموضع المقر في قلب العاصمة صنعاء وفي منطقة خضراء مصغرة.
هناك تقع الإذاعة وثكنة كبيرة من الحرس الجمهوري وكتيبة مدرعة، واستعداد متوتر للمواجهة من قبل الجيش والأجهزة الأمنية مع الشباب المندفع بلا حدود.
لم تكن خطوة في المجهول تلك التي أقدم عليها الشباب، بل كانت إرادة الله، هي التي سرَّعت خطوات الثورة إلى الأمام وتجاوزت الخطوط الحمر التي رسمها المخلوع صالح حول سلطته، قبل أن تتحول إلى موضوع للنقاش على طاولة المجتمع الدولي والإقليمي، وتتسارع بعدها الخطى.
ما إن تقدم الشباب حتى اعترضهم العسكر في الساحة الواقعة أمام بنك الدم وأطلقوا على المسيرة وابلاً من الرصاص، وكانت الخسارة كبيرةً ومؤلمة خصوصاً أن الثوار لم يتجاوزوا بعد مجزرة الثامن عشر من مارس الرهيبة.
كان القناصة قد استأنفوا مهمتهم القذرة وهم تحديداً من أوقعوا كل تلك الخسارة التي بلغت 18 شهيداً وأكثر من ثلاثمائة جريح، ولكنهم رغم ذلك لم يستطيعوا إيقاف
ثار الجدل حول تلك المسيرة، فقط لأنها لم تأت في إطار الترتيبات التي كانت تعتمدها المنسقية العليا للثورة، حيث يحضر القرار السياسي وكل الحسابات الأخرى.
لكن الثورة ليست حسابات سياسية، إنها فعل مفاجئ متدفق وحالم، سلاحه الشجاعة والإقدام تحييد كامل لكل الاحتمالات بما فيها الاحتمالات السيئة وكبيرة الكلفة.
لم يكن صالح في ذلك مسيطراً على الحدث، بل كان مربكاً، إلى حد دفع بسكرتيره الصحفي الخاص إلى التصرف بشكل شاذ وخارج عن القواعد الأخلاقية، عندما قام بانتحال شخصية أحد شباب الثورة، بعد أن فرضت المخابرات سيطرة على خطوط الاتصالات، وحولت مكالمة من قناة الجزيرة على الهاتف المحمول لـ: أحمد الصوفي، الذي سوق أكاذيب عن اقتحام مقر رئاسة الوزراء.
لم يكن صالح مسترخياً بل قلقاً في ذلك اليوم، وكان يعلم أكثر من غيره أن الاقتراب من المحظورات والخطوط الحمر، هو تحول خطير في مسار الثورة التي تتحرر شيئاً فشيئاً من القرار السياسي، وتتحول إلى عاصفة من الإرادة التي لا تنكسر وإعصار لا يتوقف عند حدود.
زايد الكثيرون حول اندفاع الشباب، وحماسهم الذي أفضى إلى تلك النتيجة الدموية، وعلى هؤلاء اليوم أن يتوقفوا قليلاً أمام أنفسهم ويتساءلوا ماذا لو كانت الثورة مضت بذلك المستوى من الاندفاع والتضحية؟ هل كان صالح سيواصل التأثير في مسرح الأحداث، وهل كان بوسع عصابة مسلحة طائفية أن تصل إلى صنعاء وتسقط الثورة والدولة وتفتح باباً على الجحيم الذي حرق فيه آلاف اليمنيين ولا يزالون حتى اللحظة، حيث الموت والدم هو العنوان الأبرز للمرحلة.
حدث هذا ويحدث بعد مرحلة طويلة من جهود السلام التي ظللها العالم أجمع بدعمه، ومع ذلك لم يتردد هذا العالم لحظة عن التضحية باليمنيين من أجل تأمين مصالحه الخاصة.
مسيرة بنك الدم خلدت في التاريخ باعتبارها فعلاً أنجزه أبطال استثنائيون، وسجلت ردة فعل النظام على أنها جريمة إنسانية لن تمحى أبداً ولن تسقط بالتقادم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد