عظمة الحياة في الحرية، أنها أسهل الطرق نحو المستقبل، هي الروح التي تجمعنا أكثر مما تفرقنا فننتج ثمار الخير والتقدم والبناء، حركة الإنسان الكمالية المتصاعدة تبدأ من تحرره الداخلي والنفسي.
لا فائدة لمساحة حرية والإنسان مكبل بالرعب والخوف والجهل والاستعباد، لا يوجد أكثر عداء للحرية من إحساس الناس بالجمود أو العجز في تغيير الواقع وتكيفه ليلبي طموحاتهم وآمالهم، فالذين ذاقوا طعم الحرية لا يمكن أن يفرطوا فيها إذا تنبهوا للخطر الذي يحيط بهم والمصيبة الكبرى إذا تركز ضعفهم في عدم قدرتهم على اختراق القناع الذي يتظاهر به أعداؤها فلقد تعودوا على الطاعة ولم يتعلموا كيف يقرؤون دروس الحركة التاريخية.
ونحن في هذا البلد الذي يسعى منذ زمن للتحرر وكلما تحرر جزئيا واقتربنا من التحرر الكامل يأتي من يكبلنا ومصيبتنا أن صراعنا لا ينصب نحو التحرر بل نحوا تبادل الأدوار من سجين لسجان من كان سجينا بالأمس يطمح أن يكون سجانا اليوم.
إنها ثقافة العنف، وحياة الغاب، من يمتلك جزءا من القوة اعتقد أنه ملك الساحة وعلى الجميع طاعته فيسعى لفرض أمر واقع على الآخرين تقبله أو هم أعدائه.
ما مسنا اليوم لما يجمعنا وترك ما يفرقنا، لنقترب أكثر ونتوافق، ونفرز الأولويات ومن الثانويات، لنزيل العقد والمطبات التي تقف عائق أمام حل مشاكلنا.
فشلنا في إيجاد كيان يجمع دون أن يفرق، يلم دون يشتت، رهاناتنا بآت بالفشل، لا نجد غير جماعة تبحث عن التناقضات وتغذيها، والشروخ وتوسعها، والخلافات وتؤججها، الخصومة الفاجرة وتفعلها، تبحث عن ما نختلف عنه وتعلنه برنامج عمل، لسبب واحد هو النكاية بالأخر، فتشكك بالهوية وتشعل نار الفتن.
لأن القائمين على هذه الكيانات، جماعات مصابة بدءا الماضي وأحقاده وضغائنه وثقافته من حب الانتقام والسيطرة وهو مسلسل ثقافي وفكري تراكمي كان نظام الأمس سببا رئيسيا في تركيب هذا المجتمع اليوم للأسف هذا النظام يدرك جيدا ما غرسه في الوسط الاجتماعي يستفيد منها ليستمر ينتج مزيدا من سمومه بل يفرض علينا استبداده ويعيق تحررنا من التخلف والجهل الذي عززه ثقافة وسلوك هنا وهناك.
بتمعن ستعرف أدواته التي هي جزء من تلك المكونات، التي تعمل على إنتاج الفعل وتستفيد من رد الفعل.
هذه الكيانات تعيش على المغالطات وتصنع فوضى تخدم مشروعها، لا تستطيع التعايش مع الأخر أو العيش في واقع سليم متنوع، لاحظ تجريفها للتنوع وثقافة القطيعة مع الآخر، تقدم نفسها كقوى عنف شريك في محاربة الإرهاب لهدف سياسي، وهي لازالت في طور التكوين، لتكن جزءا من العبث العام والمشكلة تبتعد كثيرا عن الحل.
نحن اليوم بحاجة لتولد قناعات التعايش وفق التنوع في المجتمع، سواء كان تنوعاً منسجماً أو غير منسجم، يمثل حقيقة قائمة في مجتمعنا، على غرار كل المجتمعات المتنوعة في العالم كان ولا يزال التنوع بحاجة إلى نظام ينقل حقيقة التنوع غير المنسجم إلى تنوع منسجم عن طريق نظام ديمقراطي حقيقي، وفي مجتمعنا أيضا كان ولا يزال التنوع يمثل حقيقة وطنية، والانتماء إلى كل التنوعات معاً، القومية والدينية والمذهبية والعشائرية، من دون تمييز هو حقيقة الوطنية والمواطنة في اليمن وان التفكيك الايجابي لهذه الحقيقة تتوالد منه منظومة حقائق، فالتنوع الديني والمذهبي المترتب عليه وعنه يمثل حقيقة قائمة لا يمكن تجاهلها أو قمعها بل البحث كيفا لها أن تتعايش.