تتسارع الأحداث ويزداد الواقع غموضا،حيث يجرفنا التيار بعيدا عن الأهداف والأحلام والطموحات، الكل مندهش ويتكرر السؤال ماذا يحدث؟
وما يحدث أن القوى والمكونات المتصدرة المشهد السياسي في محل شك بمقدرتها ووعيها على أن, تلبي طموحات وأمال الناس جنوبا وشمالا .
هذا الغموض يبرهن- دون شك- غياب الوعي الوطني وثقافة الدولة والمؤسسات، حيث يبني البعض اختياراته خارج ذلك الوعي وتلك الثقافة، حيث صارت المنطقة والطائفة هي المصدر والقبيلة هي الإدارة والحماية، حيث يعنيها توجد وحيث لا يعنيها تغيب.
ثرنا لنحيا ونرسخ القيم والمبادئ والأخلاقيات لتلبي طموح وأمال الناس، نحو التغيير لمستقبل منشود الأفق والهدف، كلما اقتربنا، كلما ابتعدنا،حيث تتفوق علينا الدِيماغُوجِيّة (إفساد الرأي والوعي العام)، حيث لا يفيد وفرة الذكاء الخالي من الشجاعة، لأن جراءة اللصوص والقتلة تدمر الوطن وتقضي على أحلامنا وطموحاتنا .
حذرنا من ذلك واتهمنا، وأشتط البعض غضباً، لسان حاله يقول "من أنت حتى تقف في وجه مشروع يمكنه أن يدوسك في طريقه" كثر الناصحون، وفي باطن بعضهم رسائل تهديد، خاف البعض، ويأس البعض، وتشكك البعض، والنتيجة تفوق الباطل، ها هو ببجاحة يمارس اغتيال الحلم في وضح النهار،حيث تحول الرهان على عرائس في مسرح هزلي تديرها أجندات،لا يهمني من تكون المهم أنها خارجية وليست وطنية، والنتيجة أن ترى خداما ذلك الماضي الذي رفضناه، يحرسونه يحمون ما تبقى منه، محافظين على حضانة ذريته لتفقس لنا المزيد، عبيد حنوا لسيد يديرهم حيث التموين والصرفة، ولتذهب القيم والثوابت للجحيم .
واقع اليوم البائس هو واقع مرفوض المنطق والعقل، حيث لا يقبل أن يتحول مكيال القيم للبيع والشراء، للجاه والرفعة، عندما يهان المواطن البسيط وتغلق أمامه فرص النجاة، بينما تفتح كل الفرص أمام الطغاة والمستبدين واللصوص والفاسدين، عندما يتحول الرأسمال لمحرك بل محتكر لمجرى الحياة ليحفظ مصالح الكبار ويدوس على حقوق ومصالح البسطاء، وكله بثمنه المادي يشترى .
عندما يتحول رجل الأمن، حام للرذيلة وحارساً للعاهرة، يقتل الشرف أمام العامة ببجاحة، وكل صوت حر يقول كلمه صادقة في وجه طاغي ومستبد ومبتذل، فيغيب القانون ويدوس على النظام .
كم من فضيحة مخزية من سونيا لريماس، والناس تنتظر بيان يهدئ من روعتهم وغضبهم، لكن لا حياة لمن تنادي .
المهم هو الشعب كإرادة حرة وصلبة، أرهقته الحرب، وبث فيه المنافقون اليأس، حاول ترويضه المخادعون ليستسلم لواقع الاستبداد السياسي والديني المتحد اليوم ضد مشروع وطن ومستقبل امة .
ولن يستسلم، ما دام فيه نبض حياة، شعبا يموت ويُقتل لكنه صلب يتحدى، لازال يعشق الحياة والحرية ويحمل على كفيه أحلامه وطموحه، لازال شباب الثورة موجودين، ولازال الوعي يقاوم، ولازالت مصالح الأمة والوطن عصية على المتآمرين .
الشعب هو الوحيد صاحب المصلحة في المستقبل، الأفراد والجماعات تسقط في أول امتحان لها، إذا وجدت شعبا جبانا استمرت في بغيها لتتمادى لتشكل خطرا يحتاج لتكلفة لانتزاعه، لكن إن وجدت شعبا حيا واعيا مدركا لمصالحه، قادرا على أن يحدد موقفا ليوقف العبث ويحاسب المخلين وينتزع العفن من على جسد الوطن قبل أن يستفحل .