كل يوم تصحو عدن على فاجعة، وأكثر من فاجعة، تهز كياننا، ولا نشعر برد فعل من قبل المعنيين بأمن عدن. آلة القتل مستمرة تحصد أرواح الأبرياء، وتختارهم بعناية، لتصفية عدن من أفضل ما فيها، بل تستهدف عدن ثقافياً وفكرياً، تستهدف فسيفسائها الاجتماعية، وإيقونة تعايشها . سيناريو بدايته حرب إعلامية قذرة ضد الآخر، حشد وتحريض مناطقي لكل ما هو شمالي، بل لكل أدوات التنمية السياسية للديمقراطية من أحزاب ومكونات سياسية تمارس عملها بشكل قانوني وعلني، وما أقذر ذلك المثقف الذي يمارس التجهيل وتوجيه مسار المعركة للمناطقية، وتصنيف الناس وفق أهوائه المريضة، باعتقاده أن الجنوب مجرد جغرافيا فقط دون قيم ومبادئ وأخلاقيات، ويطلب من الناس الوقوف ضد الوزير الفلاني الشمالي، ومساندة المسئول الجنوبي بكل فساده وفشله وعفنه، الهدف هو جرنا لمعركة بعيدة عن ترسيخ مؤسسات الدولة الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة والمساواة، تاركين السبب الرئيسي لما نحن فيه، منظومة حكم النظام السابق التي اليوم محمية بمثل هؤلاء، وتمارس حقها السياسي في استعادة حكمها ومنظومتها وترتيب أوراقها بدعم هؤلاء المحرضين، بل منخرطة في مكونهم السياسي . ما زرعه هؤلاء المحرضون، نجنيه اليوم قتل وإراقة للدماء، في فاجعة هزت كياننا في عدن، فاجعة رمي قنبلة على مجموعة من النازحين، والهاربين من الموت في الحديدة، لاجئين لعدن التي يعرفها القاصي والداني، عدن الخير والحب والتسامح والتعايش والإخاء وإغاثة المنكوب ونجدة من يستنجد بها، هربا من الموت، وإذا بمريض مشحون إرهابي صنعته الآلة الإعلامية والحملة المغرضة والفتاوى السياسية التي تحرض المعتوهين والمرضى النفسيين لتصنع منهم إرهابيين يقتلون الناس على قارعة الطريق، من البسطاء الذين ينامون على الأرصفة ويلتحفون السماء، الله يعلم بهم وبحالهم هل تناولوا وجبة طعام أم ناموا جوعا، هذا الإرهابي هو نفسه الذي يقتل اليوم بالأجر لخدمة نفس العقلية المحرضة. كل هذا يستهدف عدن، ثقافتها وأيقونتها وفسيفسائها، يستهدف أبناءها، هو استمرار لسياسة التفسخ الذي طال عدن من الاغتصاب لتصفية الجسدية بالاغتيالات لكل شيء جميل في عدن، حتى مدنيتها أزعجتهم، تكتلاتها تغضبهم، وبعند وعنجهية يعلنون تكتلا قبليا مناطقيا في عدن، تهديد واضح لمدنية عدن، لسنا ضد القبيلة، لكننا ضد تسلط وهيمنة القبيلة على مقدرات البناء وترسيخ مؤسسات الدولة المدنية التي لا تستقيم مع القبيلة ككيان اجتماعي عرقي تحشيدي لا تتوافق أعرافه مع المواطنة والحرية والمساواة والديمقراطية، وتاريخنا شواهد حول ذلك . نسأل الله أن يستر عليك يا عدن من هذه العقلية التحريضية الأنانية والعصبية، وبعضهم مدفوع الأجر والارتزاق، الناس تعرفهم وانكشفت عوراتهم، وعما قريب سيكون للقانون رأي حولهم، كل الأحداث مدونة والتاريخ لا يرحم، ونهايتهم كنهاية أسلافهم من البغاة والمستبدين والمرتزقة .
أحمد ناصر حميدان
عدن والإرهاب العنصري 1258