سنوات ونحن نعاني من خذلان كهنة السياسة (المدياسة)، أحلامنا تنهار، طموحاتنا تتلاشى في مهب رياح وزوابع الكهنة، الذين جعلوا من الوطن وسيلتهم للابتزاز والثراء والنعيم، شغلونا بخلافاتهم، واصطفافهم، شغلونا بمهرجاناتهم، والمنصة والشعارات،علينا التضحية والفداء للوطن، لنكن قرابين لتربعهم السلطة وقبضتهم على الثروة،ولهم واسرهم النعيم و رغد العيش ومذاق الحياة السعيدة، على حساب تعاستنا ومعاناتنا وقهرنا ودمائنا وتضحياتنا.
هذا واقعنا اليوم، واقع فقدنا فيه أعز ما نملك كرامتنا، محاربون في لقمة عيشنا، في معاشاتنا، في انهيار صرف العملة المحلية، ما تبقى لنا من نبض الحياة، وكرامة العيش كأمة محترمة كسائر الأمم في المعمورة، فهل نستحق الحياة، ام الموت بشرف يحفظ ما تبقى من كرامة، هي ثورة الجياع.
ثورة ضد التمايز، والثورة مستمرة كلما خذلت عادة لتشتعل في وجه من خذلها، هي امتداد لثورة سبتمبر وأكتوبر التي اغتصبها المستبد، وثورة فبراير التي اغتصبها الانقلاب، إنها تجديد للمخاض الثوري، وتصحيح الاعوجاج، لإصلاح مسار التحول الموعود لمستقبل منشود.
على شاشات التلفاز يحدثونني عن وطن، و يدغدغون مشاعري بالوعود، والدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة الاجتماعية، الواقع شيء آخر فيه نفقد ظل وطن، هم في أبراجهم العالية، ونحن في أسفل السافلين نغرق شيئاً فشيئاً في وحل المعاناة والجوع والفقر والانتهاكات والمهانة.
قد يقول قائل إن الشرعية لا حول ولا قوة لها، الانقلاب استباح واستولى على كل شيء، وأمرها صار مرهوناً بالتحالف العربي لاستعادة هذه الشرعية، فلتفصح عن أنها خذلت وخذلنا، وبرزت أجندات لا علاقة لها بالشرعية ولا مخرجات الحوار ولا وطن ولا كرامة ولا استقلال، يغرقوننا في وحل من التناقضات والصراعات وتغذية الثارات والأحقاد، واستدعاء الماضي لينتقم من الحاضر ويعيق المستقبل، ولهذا مكنوا أسوأ من فينا ليحط مقدارنا، ويدنس وطننا،ويشوه تاريخنا، في نزع جذور الهوية والتاريخ ليعاد صياغته بما يشتهي الطامع والمنتج للسيناريو.
ماذا يعني أن يكون البلد مقسماً بين شرعية برواتب الدولار أو الريال السعودي، وبين مليشيا برواتب الدرهم الإماراتي، وهناك من هم في أفخم فنادق العالم من القاهرة لإسطنبول وبيروت وطهران، و الغرب، برواتب أربعين مليون دولار ويزيد، والناس في الداخل على الريال، لم يستطيعوا الحفاظ على قيمته الفعلية لتنتشلنا حياة تقترب من المجاعة و الوباء والمعاناة، حالة الانتحار تتزايد في البلد، هل يعنيكم ذلك، لم نسمع صوتاً يهدئ من روعة انهيار الريال أمام عملتكم الصعبة، كما قال أحدهم، هي الفائدة التي ستعم عليهم وعلى أسرهم في فارق الصرف، والله إنها لجريمة لن تسقط بالتقادم، كجرائم التقرير الأممي لحقوق الإنسان الذي أدانكم، وكشف عورات كل منكم بحجم انتهاكاته، ولا مفر من لاهاي.
هل سيعرف الناس مصالحهم ويرفضون كهنة السياسة، سلطة ومعارضة وتحالف ليضغطوا على إيقاف حرب لم تعد غير عذاب للوطن والمواطن، من يرفع اليوم شعار تمجيد الكهنة سيلعنه الشعب بل سيلعنه التاريخ، فشلوا، وتحولوا لأدوات في سيناريو حقير لاغتصاب وطن وإنسان، إنها ثورة شعب وعليها أن تبقى بيد وتحت سلطة هذا الشعب لا كهنة عليها بعد اليوم.