السلبي يستمتع بلعب دور الضحية، يوفّر له هذا الدور فرصة لرمي كل فشله وتذمره وعجزه على الآخرين، والحقيقة من يتقمصون هذا الدور لا يدرون أنهم يلعبون دوراً من الأساس؛ لأنه دور اضطروا للبقاء فيه لسنوات بسبب تعرضهم لظروف قاهرة في الغالب واحداث مأساوية أثرت فيهم كثيرا، في اختيارهم وأفكارهم وتطلعاتهم، جعلتهم يعيشون أوهام سطوة الآخرين واحتقار الآخرين والسخرية من الآخرين، ولا يتقمص هذا الدور غير السلبي المستسلم لأوهامه والغير قادر على مقاومة الظروف وتجاوز الصعاب ليتغير ويغير واقعه. لازال البعض في الجنوب يعيش هذا الدور، دور ضحية الصراعات، ولازال البعض قابع في كارثة 1994م، ربع قرن وهو يبرر فشله وتذمره وعجزه بحرب 1994م. ربع قرن من المخاض السياسي على الساحة السياسية، مخاض فكك تحالف 94م، و تكونت تحالفات أخرى، غربل كثيرا من الأحزاب، أضعف بعض النفوذ، وتصدر المشهد قوى جديدة، تكونت من أحزاب يمنية تقليدية قوى متحررة وشباب منفتح، وجدنا أفكارا تقدمية تنبثق من أحزاب ومكونات تقليدية، ووجدنا شخصيات من أحزاب تقدمية ليبرالية تقوقعت في كنف الماضي وارتمت في حضن الكهنوت والكمبرادور وتبنت افكار تخالف نهج وسياسة أحزابها. بعضهم لم يستوعب بعد ما أحدثته ثورة فبراير التي أشعل فتيلها الجنوب وامتدت لكل بقاع اليمن من أثر وتغيرات، لم يستوعب تطلعات ما بعد هذه الثورة التي لازال مخاضها يتخمر، ومولودها يتشكل. الجنوب يعيش هذه الحالة الثورية، وهو اليوم بيد أبنائه، بل بيد تلك القوى الثورية التي صرخت بأعلى صوتها من الظلم والاضطهاد والفساد، بشعارات رنانة، سمعنا الكثير كأقوال، سرقوا ثروة الجنوب نهبوا أراضي الجنوب، عبثوا بواقع الأرض والإنسان في الجنوب، ما هو واقع الجنوب اليوم؟! لازال الفساد ينخر الجنوب، استمرار حمى السطو على الأرض، ولازالت كثير من المرافق تعيش واقع ما بعد 94م، بل يديرها من كانوا سبب في انهيارها، ومن تقاسم أسطولها، وعند البحث في أسباب عجز هذه المؤسسات في تنهض يكون الجواب الغبي إنها حرب 94م، دون أن نجد جوابا شافيا وكافيا ماذا عملتم خلال هذه الفترة لتستقيم هذه المؤسسات وتنهض من ركام 94م، لازالت المؤسسات تعيش أسباب ودواعي فشل 94م. كثير هي المؤسسات التي لم تتعاف بعد من 94م، ونذكر منها كمثل المؤسسة العامة للنقل البري، والتي قدم لها دعم أسطول من الباصات، وكنا نتوقع أن نجدها تصول وتجول بين المحافظات لتنقل المسافرين بأسعار شعبية، وترفد خزينة الدولة، وتعول كم أسرة من الموظفين الذين يعيشون وضعا معيشيا بائسا، سمعنا بالدعم ولم نسمع بأي تغيير يذكر، ولم نر باصاً في محطات نقل الركاب. علينا أن نتجاوز دور الضحية، لننتقل لدور إيجابي في تغيير واقعنا، وننهض بمؤسساتنا وجنوبنا الحبيب واليمن السعيد، علينا أن نكون بمستوى المسئولية، أو نتركها لغيرنا قادر على الإيفاء بالالتزامات، ومتجدد متجاوز 94م، مبدع مبتكر مساهم في تغيير الواقع للأفضل، الفشل يهدد كثيرا من المؤسسات التي في طريقها للانهيار بسبب فشل إدارتها، وعدم المحاسبة والثواب والعقاب.
أحمد ناصر حميدان
السلبية في حياتنا 1304