نحن بشر خطاؤون، وخير الخطاؤون التوابون، البشر ليس معصوم من الخطأ، لكنه ان اخطى خيرا له ان يصحح اخطائه، وشره في الاستمرار في الاخطاء، لا يستمر في مساره الخاطئ غير الواهم، ودون ان يتخلص من الوهم الذي يراوده لن يصحح اخطائه، انها الاوهام تدعم كل اخطائنا وزلاتنا ومصائبنا. معظم الواهمين هم المتورطون، يستسيغون العيش في الوهم الذي يخفي الحقائق المرة التي قد تدينهم، ينتابهم خوف من الحقائق وان تتحطم اوهامهم على صخرة الواقع.
هكذا كان عفاش، واهما انه امتلك الارض وما عليها، يفرض ما يريد وعلى الاخرين تقبله كأمر واقع، اصابه وهم الغرور والقوة والجيش الجرار والقبيلة التي تحتكم له،وكثرت جرائمه حتى صار مرعوبا من تكشف الحقائق، ويسوق للوهم، لكنه وقع في شر اوهامه امام حقائق تكشفت واقنعة تساقطت، فهل يعتبر الواهمون اليوم انهم امتلكوا القوة وبالعنف سيتسلطون على عباد الله كأمر واقع. هكذا هي كائنات الوهم التسلطية والمستبدة، تتشابه مسيرتها وجرائمها، ونهايتها واحدة،مهما رددت من شعارات، تجمعهم دعوة الممثل الشرعي والوحيد للشعب. جماعة الحوثي جعلت من المناطق المسيطرة عليها سجنا كبيرا، من استطاع أن ينفذ بجلده فقد نجا ليكون منفيا أو مهاجرا أو لاجئاً وما أكثرهم، ومن لم يستطع فهو سجين في زنزانة صغيرة أو كبيرة بحجم وطن، عليه أن يتكيف مع فكر ومذهب وثقافة هذه الجماعة ليعش مهانا مسلوب الكرامة والارادة يردد ما يقولون ويصرخ صرختهم، يقدم الطاعة بحذر الشك والريبة التي قد تضعه موضع الاتهام بالكليشة (مرتزق العدوان) حينها يتولاه الله برحمته من قبضة الكهنوت الذي جعل أكثر هذا الشعب خائنا للوطن، وتحت هذه الكليشة يمارسون انتهاكاتهم وتزداد حجم جرائمهم، التي ستقضي عليهم كما قضت على سلفهم وحليفهم عفاش. ولدينا في الجنوب جماعة تعيش وهم أنهم الممثل الشرعي والوحيد للقضية الجنوبية، وتحت هذا الهدف يمارسون أبشع الانتهاكات في حق من يعارضهم أو حتى يختلف عنهم ومعهم، وإلى نفس المصير المحتوم لمثل هكذا وهم، وها هي تطاردهم التسريبات من مواقع استقصاء دولية ومحلية ومنظمات حقوقية. في جنوب يطمح لكيان جامع يلم شمل أبنائهم ويجمع شتاتهم، كيان وطني ينتشل الجنوب وأبناءه من وحل الماضي، ويخفف عنهم ثقل تراكمات نصف قرن من الصراعات السلبية لكذا عقلية دمرت الجنوب من 67م إلى يومنا هذا، كيان يجنب شباب اليوم آثار ذلك الماضي اللعين، يطهر الشباب وينقيه من أحقاد وضغائن وثارات أسلافه، حتى يكون قادرا على أن ينتشل الجنوب والوطن من الوحل الدموي القديم. ويجنبه شر أشرار اليوم ودماء الأبرياء التي تسفك على أرضنا الطاهرة، لينتقل لواقع أفضل ومستقبل منشود لا مكان فيه لأحقاد وضغائن وثارات ذلك الماضي. كل من يعيش هذا الوهم هو جزء من مشاكل الماضي بل متورط بها، ويريد أن يحمل الناس أوزار أعماله، لا يريد للعدالة الانتقالية أن تحقق عدالة اجتماعية حتى لا يعلن عنه متورطا ككيان وكجماعة، ومن مصلحته اليوم أن يسوق لأوهام تبقي الحال على ما هو عليه، لاستمرار حالة القتل والتصفيات لمزيد من الضحايا والتراكمات تحت وهم أن تختفي جرائم الأمس بجرائم اليوم ويتعدد المجرمون ويتحول الجميع تحت طائلة الاشتباه، موهوم بأنه سيفلت من جرائمه. الواهمون الذي رفضوا الحوار الوطني ويرفضون مخرجاته، وانقلبوا عليها وعلى المخرجات التي تلبي طموحات وقناعات وتطلعات هذا الشعب وتمثله في الدولة الاتحادية التي تتجاوز الماضي، لترى المستقبل أمامها، ووثيقة الدستور الذي كاد أن يستفتي عليها ليقول الشعب كلمته الفصل، ويرسخ كيان الدولة الضامنة للمواطنة والعدالة الانتقالية، وصندوق الاقتراع والاستفتاء الذي هو الممثل الوحيد والحقيقي للشعب، حينها ستكون الحقائق واضحة ويتلاشى الوهم والواهمون إلى مزبلة التاريخ والمجرمون في قفص الاتهام.