يهددون ويتوعدون بالعنف سينتزعون، سلطتهم ومكانتهم، تلك هي مشاريع الوهم، المشاريع الصغيرة التي تبدو للوهلة الأولى كبيرة وكلما تقترب من الناس أكثر وتحتك بهم على أرض الواقع تصغر في نظرهم، بمجرد ما أن تتضح الصورة ويعرفون أنها لا تلبي قناعاتهم ولا تعبر عن أحلامهم وطموحاتهم، بل هي جزء من المشكلة تحمل في طياتها عدداً غير محدود من المشاكل، مشكلة تتلبس رداء الحل بل الحلم والطموح، وترفع شعارات إنسانية ووطنية، شعارات تخفي خلفها عقلية عقيمة، ضعيفة هشة لا تستطيع أن تقدم شيئاً غير الوعود والوهم والكذب، وكل هذا لا يستند على شيء فينهار، هذا الانهيار يغضبهم، وعندما يغضب الفرد يكشف عن حقيقته ونفسيته، كما يقال إذا أردت أن تعرف شخصاً ما أغضبه. هذه هي حقيقة قوى العنف، التي تستند على مليشيا مناطقية طائفية، وتعتقد أنها تستطيع أن تفرض أمرا واقعا بتخويف الناس، الرعب الذي ترسله من حين لآخر، كرسائل نحن هنا ولدينا قوة وقادرون أن نفرض واقعنا على الجميع، كالشاويش الذي ينام وعندما يصحو يطلق صيحة (هاهاها من هناك)، والحقيقة أنهم أضعف من كل تصريحاتهم، ولا يجرب المجرب الفاشل، فقد جربهم الناس وانتهت صلاحياتهم، لا يستطيعون السيطرة على الأفراد المنخرطين في مليشيات تتبعهم، هم يدركون ذلك أن كتيبة واحدة كادت أن تحدث مجزرة في احتفاليه لهم، لولا العقلاء الذين استطاعوا تلافي المشكلة، وهم اليوم ينفرطون من حولهم من هول ما يحدث، تسريبات يشيب له الرأس عن ما يحدث داخل هذه المعسكرات. لم نستغرب أبداً فقد كانت السياسات والسلوكيات والأفعال تدل على المسلك الحقيقي، وكنا نتوقع هذه النهاية، ماذا تتوقع أن تنتج لك ثقافة الكراهية والعنصرية والحقد والانتقام؟ هل تتوقع أن تصنع لك حمائم سلام، وحب وتسامح، ماذا تتوقع من خطاب العنف والاتهام والتكفير والاجتثاث والتهديد والوعيد، عقلية كهذه لا تبني دولة ضامنة لحقوق الناس ملبية لأحلامهم وطموحاتهم، طبعاً لا.. ما يحدث على الأرض من عبث هو نتاج هذه العقلية وخطابها وثقافتها وقناعاتها، وما يحدث لعدن هو الحقد الدفين لهذه المدينة ونسيجها الرائع وفسيفساؤها الزاهية بتسامحها وثقافة المحبة التي تسود فيها،وترفض عنفهم وتسلطهم وعقليتهم . هم لا يستطيعون أكثر من تفجير موقف، ليجعلوا من عدن ساحات قتال الأخوة، لا يهمهم أن تزهق الأرواح وتهدر الدماء وتنتهك الأعراض وتدمّر البنية التحتية والممتلكات الخاصة والعامة، المهم السيطرة لهم والأرض المحروقة لغيرهم، أهم ما في الأمر أن مناطقهم آمنة، وأسرهم في أمان، وممتلكاتهم خارج البلد، في حالة تهديد حياتهم معدين العدة للهرب، ولديهم من الثروة ما تعيشهم في نعيم في حضن أسيادهم، بعد أن يدمر وطن وتنتهك أعراض أمة وشعب يفقد الأمل. هذه الصورة تكررت كوجبات تغذي تعطشهم للدماء منذ 67م إلى اليوم بعقلية لازالت تنتج لنا عنفا وعنفا مضادا، لأن البعض يصر على الرهان على تلك العقلية، بل يستنسخ لنا أفراداً وزعامات من نفس المنتج العفن، ونعيد تكرار مآسينا، والضحية عدن كساحة قتال يختارونها دائماً، كلما تستعيد أنفاسها وتستعد للنهوض، عوقوها بعنفهم وقتالهم العبثي الغبي. لكن اليوم الناس أكثر وعياً من الأمس القريب جداً، لا يمكن أن يجعلوا أبناءهم وقوداً لحرب تدمرهم وتدمر حياتهم، الناس اليوم في بؤس ووجع وألم، تريد واقع مستقر وحياة حب وتسامح ومدنية، لا عنف ولا عنف مضاد، هذه هي الثقافة التي ستتصدى للعنف، وترفض قواه الانتهازية، وستلفظهم عدن كما يلفظ بحرها العفن، ما لم يعيشوا فيها ويندمجوا في مجتمعها الآمن والمدني والمسالم، وهي عصية على الخضوع والاستسلام.
أحمد ناصر حميدان
العنف الذي يهدد عدن وصرخة الشاويش!! 1302