لا تلقى المواقف الوطنية أي قبول في مجتمع حاد الانقسام وبشكل عمودي عميق، كل يوم في بلدي تكتشف حجم هذا الانقسام السلبي المعطل للتوافق على قواسم مشتركة، والحفاظ على ثوابت القيم والأخلاقيات التي تضبط العلاقات وإيقاع الحياة السياسية والاجتماعية. انقسام تفسخت بسببه العلاقات، وانجرت في مجراه النخب وهيئات قيادية وسياسية واجتماعية وأكاديمية، بسببه تصدر المشهد الصغار والمتعصبون والمنفلتون قيماً، تطاول بعض حثالة المجتمع على قامات سياسية وثقافية ومناضلين، مهما اختلفنا معهم، لن يصل الحد لما واصل إليه البعض من تجني وتهجم وتفسخ أخلاقياً وتطاول على الآخرين، ما يحدث يشكل خطرا كبيرا على المستقبل وكارثة اجتماعية تحد من تعافي وطن ومجتمع. من الطبيعي والصحي أن نجد تعدداً في الآراء، وأن تختلف، لكن من غير الطبيعي أن نتهجم على بعض بالأكاذيب والاتهامات، ونصيغ حكايات لنشوه صورة بعض لمجرد الاختلاف، تلك هي مؤشرات غياب الوعي، والتعصب إلأيدلوجي ما لم يكن الطائفي والمناطقي، وهي مؤشر للتخلف الفكري والثقافي. الهجمة التي يتعرض لها اللواء/ محسن خصروف، تصب في هذا الاتجاه وتعبّر عن انقسام سلبي مدمر يحدث تفككا في المجتمع، يعبّر عن قوى سياسية وثقافية غارقة في حمى الخلافات ولا تأبه لمصيرها القائم الذي لن يستثني طرفاَ منها، وكل من يحاول أن يوقف هذا الانقسام، أو يسد ثغراته، ويرمم بعض أجزائه، يجد نفسه ضحية تلك العقليات الغارقة في حمى الخلافات، والتي تصنف الناس وفق أهوائها المريضة تلك. هل يدرك هؤلاء خطورة مالات الانقسام المرعبة، التي تضعف الجميع، وتجعل الوطن صيداً سهلاً للأطماع، والطغاة والمستبدين، وهل يعلم هؤلاء أن أفعالهم تلك تعطّل التوافق على تعافي وطن وترسيخ دولة تضمن لهم حياة كريمة وتحفظ سيادة وإرادة الأمة، لنخلص من الارتهان والتبعية التي أوصلتنا لما نحن فيه من واقع آسي ومؤلم على الجميع، أم أن البعض قد امتهن الارتهان والتبعية ويقتات على أشلاء الضحايا وبقايا وطن. الوعي يدرك جيداً هذه الخطورة، فاين هذا الوعي؟.. لو كان موجوداً لما كان حالنا بهذه الصورة البائسة التي نشكوها الجميع، ونحن نزيدها بؤساً بدون وعي بل بتهور وشطط وتعصب وحماس فارغ وعياً وإدراكاً، لنتحول لمجرد أدوات يديرها أصحاب المصالح المتعارضة ويضيع منا وطناً، وسنبكي غدا أكثر مما نبكي اليوم، ما لم نعي خطورة ومالات أعمالنا واختياراتنا مواقفنا.. شكرا للرجال الصادقين والمواقف الوطنية التي سيدونها التاريخ بأنصع صفحاته، ونفس التاريخ الذي لعن الطغاة والمستبدين والفاسدين ولصوص ثروات الشعوب سيلعن المواقف المخزية والاختيارات المضرة بوطن ومستقبل أمة.
أحمد ناصر حميدان
اللواء خصروف في زوبعة الانقسام 1158