المحامي الفاشل يدحض عدالة القضية التي يترافع من اجلها , والمحامي الجاهل بنظم وقوانين الحكم لا يحسن الترافع فيخسر القضية .
ليس كل حماس يمكن ان يكون محامي جيد , بل المحامي الجيد للقضايا هو الحماس الواعي والمهني , وعي بعدالة القضية التي بالضرورة ترعي حق الاخرين بالحياة , حقهم المكفول دستورا وقانونا , والقضية التي تمس الحق العام و وتعكر الصفو العام , تتحول لمشكلة , كمشكلة الحرية التي تقيد حرية الاخرين .
هنا يكمن فشلنا حينما نريد ان نظفر , نعود خطوات للخلف ,وبدلا من ان نقدم الحلول , نصنع المشكلات , ونأزم الواقع , لنحشر قضيتنا في زاوية ضيقة ,تجعل منها مشكله للأخرين , مشكلة تضيق عليهم الخناق , وتجعل حياتهم جحيم , فيندفعون مجبرين للدفاع عن انفسهم وحقوقهم ومستقبلهم .
هذا الفشل هو مصدر العبثية من الخسران الدائم، فخسرنا «الثورة» عندما اعتقد البعض انها وسيلة انتقام وكراهية وعنصرية , وتيار جارف لكل ما هو خيرا وشرا معا ، وخسرنا الدولة حينما تخيلنا أن هيبة الدولة تعنى البطش والاعتقال والتفتيش في النوايا، وخسرنا مؤسساتها عندما حشرناها في معاركنا الضيقة والصغيرة ,وها نحن نخسر قضيتنا العادلة , عندما تحول البعض لمجرد جبروت وسجان وطاغية , ونخسر صمام امان الامن والسلم الاجتماعي ,عندما جندنا دون مهنية , وبعقائد لا وطنية , وعندما سلمنا تلك التشكيلات لمن لا يؤتمن , ولا يعي المسئولية والمهمة الملقاة على عاتقة , و سلمنا الاطقم العسكرية لمن لا يرعى حق الطريق العام , وقوانين السير والامن العام , وسلمنا البندقية لطائش ومتهور , وكل هولا افتقدوا لقائد وطني مهني شريف مسئول امام الله والنظام والقانون وعادل .
فشلا ذريع يلد عبثية , عبثية اضراب معلم لا يعي الرسالة السامية التي يحملها , ويعتقد ان حقة فوق حقوق الاخرين والحق العام , ودون وعي سار خلف دعوات ليس في وقتها , دعوات تصدع الراس المصدع , راس بحاجة لتعافي , اذا تعافى سيتعافى الجسد , وهناك مصالح تتخوف من ذلك التعافي , وتخلط الاوراق , وتزج بالقضايا العادلة لتكن خناجر تدمي الجسد وتعيق تعافيه , وللأسف ان معلما لم يدرك خطورة الزج بقضيته في اتوان ذلك الخلط , وجعل من قضيته العادلة مشكلة في وجه المجتمع والوطن , وبدلا من ان يستمر في انارة العقول كضرورة وطنية يجهلها كضرورة خاصة , ويظهر بمظهر الاناني , الذي صبر كثيرا عن الظلم , ولم يستطيع ان يصبر ليتعافى راس الدولة , الدولة التي يطالبها وهي في حالة عجز وشلل عام , لن يقدم حلولا دون تعافي, والمعلم مصدر مهم من مصادر هذا التعافي , وركن اساسي من اركان صناعة الوعي والثقافة الاجتماعي الداعمة للدولة العادلة والضامنة للحقوق .
تلك خسائر النخب المثقفة حينما تظن أن التجديد يعنى الهدم والتشكيك، دون تقديم البديل المثالي لما يهدمونه , عندما يتحول ذلك المثقف لداعم للفشل وصانع للفوضى والعبث .
عدن اليوم ضحية كل هولا العابثين , الصامتون امام نهب وسطو على الاراضي والمتنفسات , والقتل المستباح في الشارع العام , والعصابات وهي ترتدي زي وصفة رجل الامن , والاطقم التي تحمي الخارجين عن النظام والقانون , والقوات المسلحة التي تأزر صراع قبلي مناطقي ثأري , صمت معيب تتكشف خفاياها بالمال المنثور والعطايا من تلك المنهوبات كانت اراضي او شيكات , تحول هولا لمجرد عصابات تبرر للجرائم وتغطي عن مخلفات القذارة التي ينتجها ذلك العبث .
والشكر لكل احرار عدن ورجالها الشرفاء وهم يتصدون لذلك العبث , ويدافعون عدن تراث وتاريخ واراضي ومتنفسات ومعالم عدن , يتصدون للعصابات ويكشفون جرائمها التي تكاد ان تكون يومية , عدن التي لا تقبل العبث وتلفظ الجيف , وستنجو بالضرورة اليوم او غدا لناضره قريب .