انتهيت للتو من قراءة منشور لأحد الأصدقاء الصحفيين في وكالة الأنباء اليمنية، وهو يقف ضمن سياسياً مع ما بات يعرف بـمعسكر: “حراس الجمهورية” وأحياناً “المقاومة الوطنية” وهو الفريق الذي غادر صنعاء مرغماً وتحت وقع هزيمة سقطت معها الحنكة السياسية لزعيم شغل واجهة السلطة لأكثر من ثلاثة عقود، ومعه فريقه المتمرس، وسقطت أيضاً خبرة السلطة والسيادة والنفوذ والقدرة على الحشد دفعة واحدة، في جولة مواجهة مسلحة عنيفة مع الحوثيين في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 2017.
هذا الزميل يقسم بأن الانتصار العسكري في مأرب لن يتحقق بالإخوان المسلمين، وهو كغيره يريد أن يقنعنا بأن أكثر من مليون يمني تجمعوا في مأرب واحتشدوا للدفاع عن الجمهورية جميعهم ينتمون لتنظيم الاخوان المسلمين الذي تبرأ منه التجمع اليمني للإصلاح وهو الطرف السياسي المعني بهذا التوصيف والذي ينظر إليه على أنه الذراع السياسي للإخوان المسلمين في اليمن.
يقترح الصديق العزيز أن تفادي هزيمة وشيكة في مأرب ممكن إذا تم استدعاء ألوية من حراس الجمهورية بقيادة العميد طارق عفاش والتي ترابط في الساحل الغربي، وهذه الألوية تأسست منذ ما قبل عام ونصف تقريباً، من بقايا الحرس الجمهوري الذي سبق له أن فرط بالجمهورية إن لم نقل سلمها للإماميين الجدد بتأثير الغل الذي سيطر على الرئيس صالح وعائلته على ثوار فبراير.
لست هنا معنياً بالتقليل من شأن هذه الأولوية ولكن أذكر قادتها ومن يعولون عليها كصديقي الذي أشرت إليه بداية هذا المقال، بأن أمام هذه الألوية المتمركزة في الساحل الغربي مهمة عسكرية استراتيجية إلى حد كبير وهي استعادة الحديدة وطرد الحوثيين مما تبقى من الساحل الغربي، وهذا إن تحقق فليس بوسع الحوثيين أن يتمددوا باتجاه مأرب أو الجوف، ومن ثم سيسهل خنقهم إذا كان هذا هو هدف أساسي بالنسبة لحراس الجمهورية الذين تدعمهم الإمارات.
وإذا ما تمت استعادة الحديدة فإنه بوسع حراس الجمهورية أن يصدروا ما سوف يفيض عن مهمتهم ويمكن الاستعانة به في التسريع بالتوجه نحو صنعاء وليس فقط حماية مأرب.
طبعاً القوات في مأرب ليست عاجزة عن تحقيق هذا الهدف، لولا أن الإمارات التي تدعم حراس الجمهورية كانت قد وضعت هذه القوات كعدو أساسي في معركتها التي خاضتها في اليمن إلى جانب السعودية بذريعة دعم السلطة الشرعية لهذا شهدنا عشرات عمليات القصف الخطأ والاستهداف المعنوي والتضييق على مستوى الإمداد والتموين.
الجوقة الإعلامية التي تتحلق حول المشروع الإماراتي المشوه في اليمن، تحاول أن تقنع نفسها بأن الشيطان الذي يكمن في تفاصيل الأزمة والحرب في اليمن ملتحي ويصلي الفروض الخمسة ويُعدِّدْ، ويقاتل رغم أن حلفاءه يتآمرون عليه ولا يستطيعون الاستغناء عن تضحياته وبطولاته، إنها مواصفات لا تتوافق مع دور الشيطان الحقيقي، إنها تنطبق فقط على الإصلاحيين الذين قامت ثورة صالح والحوثيين المضادة لاجتثاثهم من صنعاء اعتقاداً من الداعمين الإقليميين والدوليين أن فبراير منتج إصلاحي وليست ثورة شعبية.
السفير السعودي محمد آل جابر وهو الحاكم الفعلي لليمن هذه الأيام، يبدو أنه يتكامل مع هذه المقالات التي تصدر عن فريق النظام القديم، فقد غرد هذا السفير وكأنه جزء في الخلية الإعلامية لأبوظبي مسلطاً الضوء على ما اعتبره عملاً منافياً لاتفاق الرياض تقوم به القوات الحكومية في مدينة شقرة بمحافظة ابين وهي تتحين لحظة الصفر، مع أن هذا السفير لم يوفر كلمة ودية إلا وتحدث بها في منشوراته للتقليل من تجدد التمرد على القوات السعودية في عدن على خلفية محاولة الأخيرة إحلال قوة عدنية لحراسة المطار.
الجميع يتآمر على أبطال الجمهورية الحقيقيين، وعلى المقاتلين في ميدان الحرية والكرامة والشرف، المتطلعين إلى استعادة دولة الجميع دولة الشراكة الدولة اليمنية الاتحادية.. الجميع يخذل هؤلاء ويحاول أن يحشرهم في قالب سياسي بعينه، ليسهل التخلص منهم دون أي ألم في الضمير بعد أن بات الاخوان هدفاً مستباحاً لأكثر الأنظمة سوء في منطقتنا.