;
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

الموت يداهم عدن 1277

2020-05-30 09:06:14

كنت اعتقد ان الموت في اقبية العنف هو اشد رهبة على النفس , وكنت ارى في الحروب العبثية التي يثيرها العنف اكثر اشكال القتل ايلاما على الاطلاق , ويغضبني نفير قوى العنف وهي ترسل شبابنا وقود لحروبها العبثية , حروبا تزيد من حجم ثرواتهم , بينما الناس يزدادون جوعا وحاجة , في مشهد جنائزي لا يفرق بين من يموت في ساحات المعارك او يموت جوعا في منزله متعفف لا يعلم بحاله غير الله , ولكني اكتشفت ان هناك صنف من الموت اشد ايلاما , هو الموت بالوباء , موت يقتل الانسان من الداخل , فيروس وجد مرتعه في اهمال السلطة , في حالة غياب تام للدولة , وتدمير متعمد للمؤسسة , بنرجسية فردية , وشطط حماسي لا يدرك مخاطر الكارثة , ولا يهتم بحجم الموت , والمدينة . في عدن المدينة التي حررها ابنائها الاشاوس , من موت الصواريخ والقاذفات والقناصة , لتدخل في موت الاغتيالات , والترويع للأخر والتهجير , موت اشد قساوة على ايدي جلاوزة مدربة للقتل والترهيب , بتموين من يريد يستبيح كرامة وسلامة المدينة , لتخضع لإرادته , ولازال الموت يداهم عدن , على شكل وباء , مقرون بإهمال ولامبالاة للقائمين عنوه عليها , حتى صارت مدينة الموت والمقابر المفتوحة ليلا ونهار , صارت عدن مشهد جنائزي غير مسبوق , يلاحق ابنائها , كوادرها , شخصياتها , ويختار بعناية اخيارها , في طاحونة الموت الدائرة في عدن , يصرخ الناس مطالبين بتفسير مقنع عن حقيقة ذلك الموت الذي حول مدينتهم لجنازة ومقبرة , وعجز واضح للنجاة من ذلك الموت .   موت في ظل عجز سلطة مهما كان تسميتها , سلطة تصارع سلطة لتفرض امر واقع , بمشهد مؤلم بفشل خدمي واداري ومؤسسي , ضحيته المواطن , الذي يفتقد لسبل الحياة الادمية , وعن أي حياة نتحدث لمدينة عرفت الكهرباء مبكرا في العشرينات من القرن الماضي , قبل تعرفها صحاري وبراري الجوار , تعيش اليوم دون كهرباء , وعرفت مبكرا ايضا مشاريع حضرية للمياه وتصريف المخلفات الادمية , اليوم تفتقد لكل ذلك , تحولت احيائها الرائعة لمشهد قروي بدائي و لنقل المياه في احسن الاحوال على ظهور الحمير, واسوى الاحوال على ظهور الاطفال بدبب الزيت , مشهد موجع لمدينة تفقد رونقها الحضري . المبرر السخيف والسمج لكل القوى السياسية التي تأتي على ظهر دبابة , هو الماضي ذات التركة الثقيلة , ويبقى ذلك اللعين يتخذ من تلك التركة عذرا , مكرر لماسينا , معيدا تكرار المشهد السمج للماضي , مقدما مثالا يشبهه كثيرا , وعجزا في تجاوز ذلك الشبه , بل تجاوز التركة نفسها , ومطلوبا منا ان نحتمل هذا الفشل , وبأدوات الفشل نفسه , فلا نجد غير مثال اسوء , و وعود بلا عهود , وعلى الناس ان تصدق , وما اكثر من يصدقون , ويتماهون مع هذا الفشل , فلا حاجة لنا لقوى هشة تعجز في تجاوز تلك التركة وفي وقت قياسي , حيث الوقت مهم عندما يداهمنا الموت , فهل نحتاج ان يموت كثيرا من الناس لكي ينعم هولا بالسلطة والثروة . كثرت احزاننا , وتراكمت اوجاعنا , من فقدان الكثير من الاعزاء والاصدقاء والخلان والاهل موت بالجملة , حتى اصابنا الحزن التراكمي , من الصعب حصر الموتى , وعدد المقابر والقبور , نصاب بالصدمات في مدينة مكلومة وجع والم , مصدره اهمال ولامبالاة , نتيجته الاستشراف الوبائي وتفشي امراض غريبة وعجيبة , تختلف عن ما يجري في العالم , يصفونها بمسميات عدة مكرفس وبالطعون الرئوي , دون ان نجد تفسير علمي وصحي لهذا المرض , واهتمام فعلي وعملي لمحاربته , وانقاذ ما يمكن انقاذه , لا القائمين على عدن , ولا التحالف المعني اليوم بإنقاذ اليمن وعدن المدينة التي اتخذ منها التحالف مقرا لقيادته . الله يرحم موتانا , ويرحمنا , ويصبرنا على ما ابتلانا ,وينجينا من الموت الذي يطارنا والاهمال الواقع علينا , وان لا نقبل ان نبقى مجرد ضحايا في معركة عبثية تدار من وراء الحدود بأدوات الفشل التي تفرض واقعها ومأساتها على المدينة , في مخاض على وشك الانفجار لإنقاذ ما يمكن انقاذه , والبقية لمزبلة التاريخ مع اسلافهم واشباههم الاولين .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد