برز الجدل حول ما يسمى بقانون الزكاة والخمس الصادر من قبل الحوثيون , جدل المصدومين بالحدث , جدل تناثرت فيه أطنان من الافكار المدنية , بعضها كان مراهناً عن الجماعة كحالة ثورية , تلبي قناعاته ومزاجه , وتحقق له رغبته بالانتقام من الخصوم , في موقف تكتيكي مأسور بالماضي , غير قادر على تنقية الروح من الاسى , وتنمية القدرات على التسامح والتصالح , ليكن ثوري بقيم وأخلاقيات التغيير والتحول المنشود الدولة ضامنة للمواطنة والمساواة والحقوق والعدالة , بل كان مجر ثأري , لا يدرك خزي مواقفه التي يقطف ثمارها اليوم .
وكيف ينصدم العقل والمنطق, من جماعة سلالية طائفية , ترى ان الله اصطفاها عن البشر, وتتجاهل كتابه وهو يخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ) وقال في كتابة ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) , ذلك هو إسلامنا الحنيف دين المحبة والمساواة والتسامح , لا علاقة له بأفكارهم التي تنسف مبدأ المساواة والتسامح .
القانون حصيلة لخطيئة كبرى شارك فيها ذلك البعض , خطيئة لم نرى غير اليسير من مصائبها , وما خفي كان اعظم , خطيئة تمس كرامة الامة , وتنتزع حريتنا , وتفقدنا عزتنا و المواطنة , وسنفقد وطننا لنكن مجرد عبيد وشقاه للسيد واتباعه , خطيئة ساهم فيها بعض الرفاق وزملاء النضال الأممي والوطني , وبعض الاخوة , فهل نملك من الشجاعة لنقد الذات ونقيم المواقف والاختيارات , لنصحح الاعوجاج , ويستقيم الاصطفاف الوطني , ليصحح الخطيئة ومسار التحول الثوري , لنعود لجادة الصواب , ومخرجات حوار وطني , ومسودة دستور, نحقق فيها ما نصبوا اليه من استقرار سياسي واجتماعي وتوافق وطني يستوعب الجميع بكل اطيافهم وأفكارهم وأعراقهم دون حساسية , متجاوزين الماضي وتراكماته ثاراته , اصطفافها في مواجهة المشاريع الصغيرة التي تفتت وتشرذم وطن وتنهك امة .
نحن مجتمع يكرر اخطائه , مغرم بالتفاهات , ويصفق للتافهين , والشواهد كثيره , يصحو متأخرا , بعدما يجد نفسه ضحية مواقف واختيارات مخزية , ولنا في المنعطفات التاريخية عبر , في الجنوب والشمال , وكأننا مجتمع عصي على التغيير , بحكم العصبية والجهل نتعلق بالشعارات , ولا نهتم بالثقافات والقيم والمبادئ والأخلاقيات وهي تنهار أمامنا على الأرض , يكفي شعارا ولافتة ومنصة , وميكروفون وهتاف , وطبل ومزمار وصراخ , والنهاية خذلان وقهر بتقهقر التطلعات والطموح والآمال .
مأساتنا في الوعي , وعي يدرك أن مشكلتنا ليست في تنوعنا , ولا اختلافاتنا , بل فينا , وفقدان مستوى من الوعي يتقبل هذا التنوع وهذا الاختلاف , ليجعل منه ثراء ثقافي وفكري وسياسي , يصنع نهضة وتقدم , ليلحق بتطورات العصر والمرحلة .
وعي يدرك أن الخلل فيك , لا في غيرك , في تقديم نفسك للأخر بصورة اكثر رقي وتحضر , لتكن المبادر الايجابي في صنع العلاقات وبناء جسور الثقة والطمأنينة للأخرين , بفكر جديد ومختلف يزرع روح التفاؤل في تغيير حقيقي للعلاقات , لنكن حصن منيع في مواجهات النزعات الضيقة , قادرين على صنع تغيير أفضل للواقع .
تصحيح العلاقات , يحافظ على التنوع , ويدعم ايجابية الاختلاف , ليساهم في اصطفاف وطني وانساني , ضد كل المشاريع الصغيرة الطائفية والمناطقية , ضد الكراهية والعنصرية , للخلاص من الخصومة الفاجرة والصراعات المدمرة والحروب العبثية , والله الموفق .