من الظلم اليوم أن نرمي هذا الانهيار والسقوط على الشرعية لوحدها , بينما تتعرض الشرعية لانقلابات متتالية لغرض كسر إرادتها , وتدمير مشروعها , لفرض مشاريع أخرى , ساهم في تلك الانقلابات تحالف عربي أو بالأصح إقليمي , وأكثر تصحيحا سعودي إماراتي , لأن الصورة ليست على حقيقتها.. يتقزم بحجم أجندته وأهدافه , وأعماله الرخيصة , والقوى الرجعية التي تديره لضرب ثورات الربيع العربي , دفاعا على الأنظمة الرجعية والمستبدة , و الرأسمالية العفنة , وتمكينها من السلطة , في صراع محتدم لإعادة صياغة الشرعية بما يتوافق وتلك الأجندات , والمقاومة التي يوجهها هذا التحالف من بعض قوى الشرعية نفسها.
لغرض تمرير الأجندات , بدأ العمل على التناقضات التي خلفها النظام البائد , والذي كان وكيلا لتلك القوى الرجعية , ينفذ أجنداتها في تقييد نهضة وتطور اليمن , حتى لا يكون منافس صلب في المنطقة , تقييد إمكانات وتجميد ثروات ومقدرات اليمن , وتعرضها للنهب والتبديد لصالح القوى الرجعية , ويبقى البلد متسولا .
كان العنف هو الوسيلة لضرب التوافق والحوار الوطني ومخرجات ذلك الحوار التي خطت طريق الحلم , لتجاوز كل التراكمات والصراعات السلبية , ومعالجة كل الجروح والاثار النفسية , طريق نحو استقلال وتحرير البلاد من التبعية والارتهان , لمستقبل فيه إرادة الشعب هو مصدر للسلطات , طريق مزعج للقوى الرجعية الرأسمالية الاحتكارية العفنة وأدواتها في البلد.
أعيد الروح للعنف بأدوات العنف المتاحة , مزقوا نصوص مخرجات الحوار ومسودة الدستور المدني , وبدعم تلك القوى عسكروا المجتمع بكل فئاته , عسكروا الشمال لاجتياح الجنوب وكل مناطق الفكر المدني , وتحت مبرر مواجهة هذا الاجتياح عسكروا الجنوب , ومكنوا العنف ليدير المشهد , و(ريموت كونترول) من غرفة عملياتهم .
ما يحدث اليوم من صراع في الجنوب لا علاقة له بالقضية الجنوبية , ولا بالحرية ولا بالاستقلال , هو عمل العنف لفرض واقع يخدم أجندات تلك الرجعية ,تدمير مشروعية الدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والتعدد السياسي والفكري والثقافي والعرقي , والديمقراطية , الذي سيحرر الجنوب والشمال يتعايشوا بسلام في دولة اتحادية , مشروع يهدد القوى الرجعية في المنطقة , والأنظمة الأسرية , يهدد أجندات التدخل الدولي في شئون المنطقة , بل يهدد مصالح القوى الرأسمالية الاحتكارية في المنطقة ,ليمنع مشروع طريق الحرير , واستفادة اليمن بحكم موقعها الاستراتيجي , وهي اليوم تدفع بأذنابها الرخاص للعبث بمصير اليمن يخضع ويستسلم لتلك الاجندات .
تمكنوا من صنع هذا الواقع , الذي فيه تتأكل كل المشاريع العادلة , من القضية الجنوبية إلى المشاريع الوطنية الحقة العادلة في الشمال والجنوب , القضية التهامية وقضية صعدة , اوجدوا مبررات الصراع والعنف بينهما على شكل الإعدام المتبادل , إعدام وتصفية كل القوى الوطنية الحقة , ينتحر المقاتلون على جبهات قتال لا تعرف من المستفيد منها , وكلا يعيش وهم الانتصار على رفاق مسيرة النضال , اعدام عام بدأ ينفذ من اول يوم لتحرير عدن , وتصفية كل من يرفض تنفيذ الاجندات , وكل من يهدد مصالح تلك القوى .
ما أمسنا اليوم لصحوة وطنية , تعيد اللحمة الوطنية , والرجوع لجادة الصواب , ليعي المغرر بهم حجم المؤامرة , حجم تدمير بلدهم , وتأكل قضاياهم العادلة ومشاريعهم الوطنية , لمصلحة من يتقاتل اليمنيون في الجبهات , الشماليون في الشمال والجنوبيون في الجنوب , هل لمصلحة سيد يدعي أنه مصطفى وحول الإسلام من دعوة لعبادة الله إلى دعوة للنهب والسلب والعبودية , وحول المناضل في الجنوب من مناضل أممي إنساني , لمشبع كراهية ويمارس العنصرية بأجلى صورها القذرة , وحول اليمن لساحة تناحر , ينحر الأخ أخيه , وتدمر البلد بنفير القادة وتغريداتهم لتأجيج الفتن والنزعات السلبية و فتاوى القتل والنحر , من عواصم الرجعية العربية , ونحن الضحية.