أخيراً قَبِل المجلس الانتقالي بالتراجع عن مصادرة مليارات الريالات التابعة للبنك المركزي بعد أن قام بالسطو عليها في منتصف يونيو الماضي، بذرائع عديدة من بينها أن الحكومة تقوم بطباعة النقوط بدون غطاء.
وبينما كانت مليشيا المجلس الانتقالي تضع يدها على الحاويات النقدية، كان المجلس يثير عبر الإعلام أزمة مع البنك المركزي تدور حول عدم قيام البنك بتسليم مرتبات التشكيلات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي والتي نفذت انقلاباً على السلطة الشرعية في عدن في العاشر من أغسطس من العام الماضي، وأتبعته بانقلاب في التاسع عشر من يونيو الماضي في محافظة أرخبيل سقطرى بالتزامن مع مواجهات عسكرية تخوضها ضد القوات الحكومية شرق زنجبار في محافظة أبين.
كل الخطوات التخريبية التي قام بها المجلس الانتقالي وانتهت مؤخراً بإعلان الإدارة الذاتية للجنوب، لم تستغرق جهداً يذكر، لأنها في الواقع كانت تتم تحت مظلة التحالف السعودي الإماراتي، ولأن مسألة تجريف الدولة اليمنية من هذا الجزء الغالي من الوطن تحقق أهدافاً سعودية وإماراتية في المقام الأول، ويبدو معها المجلس الانتقالي مجرد عميل ومأجور ومقاتل بالوكالة.
يقول المتحدث باسم المجلس الانتقالي نزار هيثم إن القيادة السعودية تعهدت بصرف رواتب ميلشيا الانتقالي قبل حلول عيد الأضحى، ولم يوضح ما إذا كان التعهد سينفذ مباشرة من المالية السعودية أم أنها ستمارس ضغوطاً على الحكومة الشرعية لتقوم هي بصرف مرتبات القوات التي تقاتل الحكومة باسم استقلال الجنوب، وهو في تقديري الخيار المرجح، أي أن السعودية ستتكفل على كل حال بصرف المرتبات للسراق الذين سطو على نقود الحكومة.
وعلى أساس هذا التعهد قام المجلس بإعادة حاويات النقود إلى البنك المركزي عبر قوة الواجب السعودية-802 المرابطة في عدن، لتنتهي بذلك واحدة من المشاكل التي تسبب بها المجلس الانتقالي وأثرت على مرتبات القطاع الإداري والجيش والأمن، وضاعفت من معاناتهم المعيشية.
تقريباً يسيطر المجلس الانتقالي على جزء مهم من الجنوب وعاصمته عدن، ولكنه يواجه مشكلة في ترجمة الخطوات السهلة التي أقدم عليها وأدت إلى أن السلطة الشرعية تغادر عدن لا تلوي على شيء.
وسنرى غداً السبت بداية الأنشطة التخريبية في محافظة حضرموت والتي تأتي في سياق مخطط يهدف إلى إسقاطها وإخراجها من تحت عباءة الشرعية لتنظم إلى ما بات يعرف بالإدارة الذاتية للجنوب.
هذا الأمر هو جزء من مخطط يدعمه التحالف السعودي الإماراتي، ولا ينبغي أن تنصرف أذهانها إلى ما تعلنه الدمى والتماثيل الانتقالية من أمثال عيدروس الزبيدي وأحمد بن بريك.
لقد أراد التحالف أن تظهر عملية تصفية وجود السلطة الشرعية التي تمثل اليمن في عدن والمحافظات الجنوبية وفي حضرموت في سياق مواجهة تقف في الطرف الآخر منها قوى جنوبية ترفض بقاء الجنوب جزءاً من الدولة اليمنية، وفي الطرف الآخر تقف السلطة الشرعية مجردة من إمكانيات المواجهة طويلة الأمد مع المتمردين عليها؛ لأن التحالف السعودي والإماراتي اختار ان يضع أسلحته ويقدم دعمه الميداني لهؤلاء المتمردين.
هناك تنازلات خطيرة أقدمت عليها السلطة الشرعية بقيادة الرئيس هادي تأتي في طليعتها القبول بالبقاء في الرياض، وتعيين قيادات موالية للرياض وأبوظبي أكثر من ولائها لليمن، ومعظم هذه القيادات منفتحة على أكثر التدابير المقبلة خطورة بما في ذلك الانفصال، والذي لا تظهر إزاء أي حساسية تذكر وهذه التنازلات تمهد للخطوات التي نراها اليوم باتجاه فصل الجنوب عن الدولة اليمنية.
التآمر على قوى الحادي عشر من فبراير بدأت منذ 2011 ولم تنته حتى اليوم، وهناك قوى سياسية وحدوية للأسف متورطة في هذه المؤامرة التي توفر ذرائع لكل ما تتعرض له اليوم السلطة الشرعية، والتي تُتهم بأنها تخضع لأجندة الإصلاح، أو أن حزب الإصلاح أو الإخوان هما من يتحكم بهذه السلطة الشرعية.
وباسم مواجهة الإصلاح والإخوان يجري تصفية الشرعية من القيادات الوطنية لتبقى في الواجهة شخصيات بلا ملامح واضحة، لكنها سيئة النوايا ومائعة الأهداف، وربما جزء من مخطط الانقضاض على الدولة اليمنية.
وفي سلسلة الأحداث الخطيرة التي جرت مؤخراً وأخذت شكل انقلاب مكتمل الأركان في عدن وسقطرى، أكبر دليل على مواقف قيادات الشرعية المتورطة في المؤامرة ضد الدولة اليمنية ووحدتها ونظامها الجمهوري
رد
إعادة توجيه
|