عادت الرباعية الدولية حول اليمن لتطل من جديد على الساحة، بعد غياب طويل، رغم أن عودتها جاء على مستوى منخفض حيث اقتصر على مستوى سفراء الدول الأربع: أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات لدى اليمن.
تبدو المقاربة الدولية للأزمة والحرب في اليمن مسترخية إلى حد كبير وثمة تداول للأدوار وربما للمحاولات، بعد أن تشكلت لجنة دولية عقدت اجتماعاً عالي المستوى، وتصدرته الكويت وألمانيا والسويد، مع مشاركة منخفضة من ممثلي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
ومع ذلك ليس هناك تطور في هذه المقاربة الدولية، لا في الخطاب السياسي ولا في الدور العملي على الأرض للمجتمع الدولي. فالعواصم العالمية تكاد تكون مصممة على التمسك بالسردية المملة للصراع في اليمن، وثمة تسليم مراوغ بان تفاهمات ستوكهولم لا تزال تحقق نتائج طيبة على الأرض، وجهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث تؤتي أكلها.
هذا الإصرار على إظهار الدعم منقطع النظير للمهمة الفاشلة لغريفيث يشير بوضوح إلى انتهازية المجتمع الدولي الذي لم ينظر إلى اليمن بصفته دولة لها أولويات ومصالح ويمكن تحقيق الشراكة المباشرة معها، بل بلداً ملحقاً بالإرادة السعودية وبالأولويات المستفزة للدول الوظيفية الجديدة في منطقتنا وعلى رأسها الإمارات.
اللافت أن سفراء الرباعية لدى اليمن عقدوا اجتماعاً استعرضوا خلاله الأدلة المتوفرة بخصوص المسار الاقتصادي لليمن، ليعبروا لاحقاً عن قلق من استنفاد احتياطي العملات الاجنبية والزيادة المقابلة في اسعار المواد الغذائية.
الإجراءات التي وعد بها هؤلاء السفراء هو المضي قدما بتجديد المشاركة التقنية والتعاون مع الحكومة اليمنية للتخفيف من المخاطر الاقتصادية القصيرة الاجل المتعلقة بعدم استقرار العملة وعدم استقرار الاسعار.
لا أثق مطلقاً بهذه التصريحات العائمة التي تتجاهل حقيقة أن السلطة الشرعية تغيب بشكل كامل عن الساحة اليمنية، فيما يفسح المجال لأعداء الدولة اليمنية للعبث بمقدرات الدولة ومواصلة خوض الحروب العبثية التي تخدم الأجندات اللاوطنية للميلشيات المسلحة في شمال اليمن وجنوبه.
ليس من المعقول أن تستمر السعودية والإمارات في سياسة تهميش السلطة الشرعية وإضعافها ودفعها لتقديم المزيد من التنازلات أمام السطوة الناشئة على الأرض للميلشيا والهياكل السياسية الجديدة التي نشأت في الغرف المغلقة لدوائر الاستخبارات الإماراتية والسعودية.
ما يحدث اليوم هو أن هاتين الدولتين السيئتين ماضيتان في إدارة معارك متفرقة هنا وهناك الهدف الأساسي منها هو استنزاف الجيش الوطني وفرض حلول سيئة للغاية على الطرف الساعي نحو استعادة الدولة.
ليس لدي أدنى شك في جهوزية الجيش الوطني على تحقيق النصر ودحر الميلشيا الانقلابية وإنهاء الحرب طويلة الاجل التي ألحقت خسائر هائلة باليمنيين. لكن ما أراه هو أن الأطراف الإقليمية وربما الدولية لا تكترث لخسائرنا ولا تعبأ بالنتائج العسكرية حتى تلك التي تهدد بتقويض الوجود العسكري لهذا التحالف والذي قد يترافق مع هزيمة غير مخطط لها.