تطور شديد الأهمية تشهد محافظة مأرب في أعقاب صدور القرار رقم رقم 2564 عن والذي وضع هذه المحافظة وتطوراتها العسكرية في عهدة مجلس الأمن الدولي، كمدينة تتهددها عواقبٌ كارثية ويتعين أن ترسم حولها خطوط حمراء كتلك التي وضعت حول صنعاء من المجتمع الدولي نفسه.
قبل خمسة عشر يوماً كانت هذه المحافظة مشرعة على إحدى أكثر التوقعات سوء، بعد أن استجمع الحوثيون كل قواهم تقريباً لاقتحامها من عدة جهات، عبر استراتيجية الإغراق البشرية التي اعتمدتها إيران في حربها مع العراق في ثمانينيات القرن المنصرم.
لكن صمود الجيش الوطني والمقاومة غيَّرَ المعادلةَ في مأرب، إذ بات دحر الحوثيين هو أحد إنجازات هذا الصمود وهذا التفاني والبطولات العظيمة التي سطرها المقاتلون.
ففي الجهة المقابلة كانت أطرافٌ إقليميةٌ تأمل في أن يشكل الضغط الحوثي على مأرب سبباً مقبولاً لفرض معادلة جديدة للقوة في هذه المحافظة، تقوم على نقل المعركة من أيدي ثوار فبراير إلى أعداء فبراير، والحجة المقبولة هي أن أنصار الرئيس السابق يقفون في الخندق ذاته ضد الحوثيين.
بدا الامر وكأنه ابتزاز تمارسه قائدة التحالف على حلفائها الميدانيين، لتحييدهم وإخراجهم من المعادلة وهي مقدمة للتخلص منهم بأيدي الحليف الجديد القادم من الساحل الغربي.
الأمر لا يأتي في سياق التصورات المتشائمة، ولكن سبق للسعودية وأن طلبت من قيادات في الشرعية قبول طارق قائداً عسكرياً في مأرب، وكان الرد هو أن طارق ينبغي أن يكون جزء من الشرعية قبل أن تسلم إليه أدوار عسكرية تؤثر على مصير الملايين ممن استهدفهم بانقلاب 21 سبتمبر/ أيلول والذي قاده عمه علي عبد الله صالح، بالشراكة مع الحوثيين.
هذا يعني أن سيطرة الحوثيين على مأرب لم تكن أحد الخيارات السعودية المفضلة، لأن ذلك سيعني على الفور هزيمة “اخوان من أطاع الله” وليس الاخوان المسلمين، وإخوان من أطاع الله تسمية عُرف بها مقاتلو الملك عبد العزيز في بداية القرن العشرين، والذي استخدمهم لضم معظم شبه الجزيرة العربية إلى سلطان آل سعود.
إن وجود إيران في مأرب خطير للغاية بالنسبة للأمن القومي السعودي، ومع ذلك كان السعوديون يغامرون باستدعاء الحوثيين إلى مأرب نكاية بالغالبية التي تنتمي إلى ربيع اليمن وتقاتل من أجل استعادة الدولة.
ها هو الضغط الأمريكي يدفع بالسعودية إلى إعادة وضع معارك مأرب في سياقها الصحيح، باعتبارها تهديدٌ عسكريٌ وسياسيٌ وإنسانيٌ لا تحتمله اليمن ولا تحتمله السعودية ولا يحتمله المجتمع الدولي.
لهذا جاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2564 والذين أدان التصعيد العسكري الحوثي في مأرب والهجمات الحوثية على السعودية، ودعا إلى وقف إطلاق النار في اليمن.
على الفور فكر الحوثيون بالحيلة القديمة، وهي استدعاء تنظيم داعش إلى مسرح العمليات، ليثبتوا أنهم لا يزالون ينفذون المهمة الغربية في اليمن وهي محاربة الإرهاب.
لكن هذا الادعاء بدا مضحكاً لأنه يحاول إعادة إحياء ذريعة ماتت وشبعت موتاً، فالإرهاب بات صناعة لا تجيدها سوى هذه الجماعية الميلشياوية الإرهابية الطائفية التي تقتل المدنيين بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، والألغام و”القناصات”، وهي أعمال تتجاوز قدرات الكائن الهلامي والذريعة المفضوحة المدعوة “داعش”.