مشهد لطقم عسكري يعترض دراجة نارية سائقها مواطن اعزل، مهما كانت تهمة هذا المواطن، ولسنا في صدد قانونية توقيفه، ولكننا نرفض الأسلوب والطريقة الوحشية التي استخدمت في عملية التوقيف، دكتاتورية عسكرية، في إهانة كرامة المواطن، وتهجم عليه خمسه مسلحون، انهالوا عليه باللكم والضرب المبرح، وتوجيه السلاح، وهو في وضع ضعيف، كان يمكن توقيفه بكل سهولة ويسر، مع حفظ كرامته، وهو حفظ لكرامة كل مواطن على هذه الأرض، وحقه القانوني المنصوص في ضوابط وقوانين التوقيف والاحتجاز .
وقبل ان انهي كتابة هذا المقال تصلني رسالة لجندي أطلق النار في سوق خور مكسر المكتظ ويقتل عددا من الأبرياء في ظاهرة خطيرة تعكر صفو مدنية عدن .
مشهد يكاد يتكرر في عدن، التي تكتظ فيها الثكنات العسكرية، والمسميات، والوحدات التي تخضع للقائد أكثر مما تخضع للضوابط والنظم والقوانين، وكلها تفتقد لكنترول السلطة السياسية والتنفيذية والانضباط القانوني والدستوري، معظمها كتائب منفلته، تجوب الشوارع، وتعكر صفو السكينة العامة، وسلامة الطريق بأطقم تخالف نظم المرور، وبسرعة جنونية، وهنجمة وشطط وتهور، وتتقطع للمارة بمزاج لا علاقة له بنظم وقوانين الأمن والأمان، والحفاظ على السكينة العامة، وحق الطريق، وكرامة المواطن، والحفاظ على وطن .
هذه العقلية هي التي كانت الدافع لثورة الجنوب اليمني، وثورة الربيع العربي على منظومة دكتاتورية عسكرية وسياسية وإدارية، ذاق المواطن منها جور تمركز السلطات بيد عسكري بليد، لا يؤمن بنظم وقوانين وضوابط الحياة العامة، التي تضع كرامة الناس فوق كل اعتبار، وما تنص عليه مواثيق وقوانين العالم فيما يخص حقوق الإنسان، والحيوان أيضا .
ثار الشعب ليتخلص من دكتاتورية الفرد العفنة , والقوة التي تحمي مصالحه واطماعه وفساده , للخروج من حالة القهر والظلم والتعسف وبلادة في التعامل مع الشعب بكل أطيافهم وأعراقهم , ثورة رفعت راية العنف الثوري , الذي تمخض بدكتاتورية ثورية , واحتاجت رمزاً ثوريا , وصنعت منه صنما ثوريا اريد للناس ان يعبدوه , و الخضوع لرأيته , ومن يرفض فهناك مصفوفة من التهم الثورية الجاهزة , وكل ذلك تحت ولاء ما دون وطن جامع , فكانت المناطقية و الطائفية والاثنية هي الولاء الذي يجمع الناس حول هذا الدكتاتور , ويصنع حوله فوضى عارمة من الانفلات بكل اشكالها , وكلا يمارس دكتاتورية ليشبع نهمه في إهانة وإذلال الغير مرغوب فيهم , على امل إخضاعهم لعبادة الصنم القادم من بيئة أكثر تخلفا , والمؤسف ان يتلقى الصنم دعما من مثقفين واكاديميين , بولاء مناطقي او طائفي او اثني , فجميع هؤلاء كان أثر البيئة التي نشأوا فيها أكبر من أثر العلم والمعرفة والثقافة التي اكتسبوها في بناء الذات , وتطوير الفكر , ليرتقي بالشخصية لمصاف مستواها العلمي والثقافي .
عندما تبحث في شخصية ثقافة الدكتاتورية , تجد جذور النشأة والتربية , وقسوة الطبيعة الجغرافية , وبداية الادراك في التعامل داخل الاسرة والقبيلة والمجتمع , كما للعقيدة دور في تلك الشخصية ,التي تخضع لسلطة الفرد القوي والأكثر بطشا , مع ان القبيلة تمتاز بقيم نبيلة , لا تسمح بالظلم والقهر والاستبداد , فيها الجود والسخاء و الكرم واغاثة الملهوف , لكن يبدوا ان القوة والسلاح كان له اثره على ضعفاء النفوس , حيث ساوى بين الشجعان والجبناء , فبرز الجبناء على شكل شخصيات دكتاتورية , تعكر صفو قيم وأخلاقيات القبيلة , ومن ثم قيم واخلاقيات ونظم العلاقات بين الناس , حتى وصلت لسلطة حكم , عكرت نظم وقوانين تلك السلطة , واردات حكم الناس بالقوة و بعقلية دكتاتورية متخلفة وجبانة , لا تؤمن بحق الآخر , وحق المواطنة , وحق الناس في حياة محترمة تحترم آدميتهم وانسانيتهم , وتحترم حق الحيوان أيضا , والنتيجة نراها بوضوح في فئة بارزه امامنا تعكر صفو الحياة , ونتصدى لها في صراع بين الشر والخير حتى قيام الساعة , ووعد الله عز وجل بنصر الخير على الباطل ان الباطل كان زهوقا , صدق الله العظيم .