ما يحدث اليوم هو مخطط اريد منه لليمن ان يكون دولة هشة، معرضه للصدمات الخارجية والفساد في الداخل، وضعف المؤسسات، وتعطيل دور السلطات، وعلى رأسها سلطات الحماية والعدالة والرقابة والمحاسبة .
استطاع الإقليم استثمار الحماس الشعبي، ودغدغ عواطف المتحمسين دون وعي، واستخدامهم معاول هدم لبنيان الدولة ومؤسساتها، التي كانت تعاني من اعطاب كان يمكن إصلاحها .
كان الهدف هو تدمير ذلك البنيان، واستبداله بمليشيات، وعصابات، والمليشيات تفتقد للتركيبة الوطنية، وتتكون من جماعات ثقة، وفي بلد متخلف الثقة لديه للعصبيات، العرقية والسلالية أو الطائفية والمذهبية، ولهذا كان التكوين على تلك الأسس، فخخ الواقع، بتكوينات عصبية مسلحة، تتقاتل على أتفه خلاف، ويتحول السلاح الذي يفترض به يحمي النظام والقانون، سلاح يحمي مصالح ضيقة وأطماع وفساد وعصبيات سلالية عرقية، وهو ما نعاني منه اليوم .
عندما كانت لدينا دولة تحتاج لتقويم وإصلاح، وكان فيها رجال دولة، يقدمون أفكار ومشاريع، وكان الصراع يتخذ منحى خطير، يرفض أي إصلاحات، ويدمر أي محاولات للتقويم، بل يتم تغذية فوضى وتحريض وحشد، بهدف إيقاف أي عملية إنعاش للدولة ومؤسساتها، واي قرارات تعيد للدولة هيبتها، وتطبع الحياة .
كان البعض يعتقد ان مشروعه لن ينجح دون القضاء التام على مقومات الدولة، ودمر كل شيء ووقف عاجزا عن إصلاح ما دمر، او ان يكون البديل الأفضل، وذهب ينقب في اطلال دولة على مكاسب خاصة وانانية، أغرق نفسه في فسادا ثوري وانانية وفجور، وتحول لوسيلة ضغط رافضة لعودة الدولة .
كنا شهود على التصدي لجهود الدكتور احمد عبيد بن دغر، مهما اتفقنا او اختلفنا معه سياسيا وفكريا، كان على راس سلطة، لو أتيح للقضاء العمل باستقلالية، وكانت ذمته مورطة، كان القضاء كفيل بمحاكمته، والحقيقة كانوا أغبياء في محاربته، وقدم بن دغر نفسه كرجل دولة يسعى لتقويم مقومات تلك الدولة، عندما أعلن عن ضرورة إعداد موازنة للدولة، وتشغيل مرتكزات الدولة الاقتصادية، وتعزيز دور المؤسسات على الأرض والسيادة، وتفعيل نشاط السلطات، وعلى راسها الرقابية والمحاسبية والقضاء والنيابات، قدموا نموذج من الغباء الثوري الذي يستخدم رعاع، يتقطعون تحركات بن دغر، ويهتفون شعارات مهينة .
ذهب بن دغر، وذهب العديد من رجال الدولة بتهم الفساد والعمالة والخيانة، دون تقديم دليل واضح وبين، او فتح ملف وتحقيق عادل وشفاف، او تفعيل دور القضاء والنيابة لتقول كلمتها وتظهر الحقيقة .
ووجدنا أنفسنا بلا دولة، ولا رجال دولة يمكن الرهان عليهم، واستبدل كل فاسد بعدد مهول من الفاسدين على الأرض، وكل متنفذ بجيش من المتنفذين، وكل انتهاك بانتهاك شد وجعا، وبرز اثرياء مثخنين بالعبث، شركات تشرعن الفساد ومصارف تحفظ المال المنهوب، المواطن عليه تحمل الأعباء، في معيشته وخدماته .
والنتيجة انهيار تام للمؤسسات والدولة، والخدمات والمعيشة، واغتصاب السلطة من قبل أفراد وجماعات لا تملك المؤهل ولا الكفاءات ولا الخبرة، وساهمت في تهالك المؤسسات، وهو تدمير حقيقي، أنهك الخدمات، وعذب الناس على الأرض شر تعذيب، في مقارنة بسيطة كان حالهم بكل سلبياته أفضل بكثير مما هم عليه اليوم، اليوم حالة الناس تبرهن الفشل التام لكل مناحي الحياة، وتفوح روائح فساد أكثر عفنا من الأوليين، تتقاتل ادواتها على رؤوس الناس، تعكر سكينتهم وسلمهم الأهلي .
كل ما تكشف على صفحات الصحف، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، هو غيض من فيض لازال مخفي تحت ركام الفساد المستشري، وكل محاولات التهديد والوعيد تزيد من تكشف المزيد، والكتاب يبان من عنوانه، أبناء الذوات، السيارات الفاخرة، والفلل والشركات في الداخل والخارج، والاستعراض، شفنا العجب في زمن اللهف والبطش، والبسط والسطو، كل ما كانوا يرددونه اليوم يمارسونه، بحماية مسلحة وزي عسكري، مزايدة اضاعت وطن، واذلت شعب، ليتربع لصوص ومنافقين افاقين وانذال في أغبر وعدالة معطلة .