هل أسدل الستار على مأدبة تدجين الشرعية بأدوات ثقة اختيروا بعناية التحالف من أدوات الماضي الرثة وطفيليات الحاضر المدجنة في فقاسة التحالف، والمثخنة بتراكمات الماضي، وحلم الثأر والانتقام؟
فترك لهم مسرحاً ليتنابزوا ويتنافسوا في اللعب على التناقضات، وتفريغ الشحنات، في سيناريو يسمح لهم بتوزيع الابتسامات الفارغة، والصور "السلفي"، كرسالة تدغدغ أحلام الناس وتطلعاتهم، فلا يهم ولا يهتم لنكباتهم وخذلان الجياع، ما دام لديه عجول إذا شبعوا نهقوا حامدين شاكرين لنعمته .
الأدوات الرثة لا يمكن أن تصنع تغييرا للأفضل، فالتاريخ لا يُعيد نفسه، بل نحن مَن نواصل إعادتهُ وتكرار نفس الأخطاء حتّى مَلَّ منا، وليس العيب في الأخطاء بل في غباء من يكررها .
سيبقى الأمل قائما والتفاؤل منهجا، حتى ينزاح عنا الماضي بكل أدواته الفاعلة والمتضررة، عفن التضرر أخطر من عفن الفعل، فالمتضرر صار عبداً لأوهامه من الثأر والانتقام، وكمية الكراهية التي لا حدود لها، تجاوزت العدو لتطال الرفيق، وتجاوزت الحدود لتعم الجغرافيا، وضاقت حلقاته لتصل إلى أقرب الناس، وتدمر عدالة القضية والمشروع والفكر، وكل دعائم التحول والتغيير، وتصحر العقل يحول الإنسان لوحش كاسر، داخل طفل قاصر، وعقل مستلب .
يعتقد التحالف أنه تمكن من وطن، وأن مسرحياته تؤدي غرضها، دون أن يدرك مستوى وعي الأمة التي يتعامل معها، وعي يقوم بعملية فرز مفيدة لتلك الأمة، فرز الأدوات القابلة للارتهان والتبعية، فرز القبول بالتوظيف والتخلي عن المبدأ، فرز الحماس غير الواعي الذي تنطلي عليه المبررات والشعارات .
المأساة والمعاناة هي فرز حقيقي للمواقف والاختيارات، هي فرز للوطنية والشرف والنزاهة، فرز العقول عن العجول، فرز حقيقي ينفع ولا يضر، وإن غداً سيزهر هذا الفرز خيراً، ونقطف ثماره أحلامنا وتطلعاتنا، وإن غداً لناظره لقريب .