;
ياسين التميمي
ياسين التميمي

خفض مستوى حوار عدن الجنوبي إلى ملتقى تشاوري 648

2023-05-05 21:49:33

في العاصمة السياسية المؤقتة عدن للجمهورية اليمنية، انطلقت الخميس فعاليات الملتقى التشاوري لما تسمى المكونات الجنوبية، التي وصفها عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي، بـ: "ألوان الطيف الجنوبي "في مبالغة لا يتسع لها الواقع على الإطلاق.

هكذا إذاً ينخفض مستوى هذا الحدث الذي كان مخطط له أن يكون مؤتمر حوار بأجندة كاملة تفضي إلى بناء توافق جنوبي شامل حول فكرة المشروع الانفصالي، لولا الغياب المؤثر لحضرموت والمهرة والذي خفض سقف أحلام المجلس الانتقالي، ودفعه إلى تجزيء مهمته واللعب على عامل الوقت، والنفس الطويل، مستفيداً من الفسحة التي تتيحها البيئة الإقليمية المساندة لمهمة المجلس الانتقالي التفكيكية.

الحقيقة الصادمة إذاً هي أن المشاركين في هذا اللقاء التشاوري من غير المجلس الانتقالي، بمن فيهم وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي، لا يمثلون أي ثقل جهوي أو اجتماعي، في ظل انسلاخ محافظتي حضرموت والمهرة، كمكونين جهويين بقيمة جيوسياسية عالية، لا يمكن أن تشكل مشاركة شخصيات منهما تغطية من أي نوع للفراغ الكبير الذي خلفه موقف هاتين المحافظتين الرافض للمشاركة في عملية سياسية تكرس هيمنة المثلث ولا تأخذ بعين الاعتبار المعطيات والمتغيرات التي أفرزتها مرحلة ما بعد الوحدة اليمنية، في 22 مايو/ أيار 1990 والأحداث والتطورات التي جاءت بعدها والثقل السكاني والاقتصادي لمحافظة حضرموت على وجه الخصوص.

لذلك نقول بكل بساطة، إنه لا ألوان طيف جنوبية في هذا اللقاء، فالجميع تقريباً من مخلفات الحزب الاشتراكي اليمني، الذي أدى دوراً سياسياً ووطنياً عظيماً نهاية القرن الماضي، لدعم وحدة الشعب اليمني، وهم أيضاً من بقايا والجهاز الإداري والعسكري للجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية السابقة.

إن العقيدة السياسية للمجلس الانتقالي بصبغته الجهوية الصارخة، معادية لأي تعدد سياسي أو تمثيل حقيقي للشعب في جنوب اليمن، فقد استهدفت مكونات أساسية من الشعب الجنوبي، ولها تمثيل وازن في مؤسسات الدولة اليمنية وشنت عليها حربٌ استئصالية ممولة من الخارج، ووصمتها بالإرهاب بغية إقصائها نهائياً من المشهد الجنوبي والتبرير لهذا الإقصاء. وما حدث خلال السنوات الماضية، لم يدع مجالاً لأي مزايدة حول الشراكة الوطنية التي تسوق لها خطابات عيدروس الزبيدي وإعلامه.

ومع ذلك لا أريد أن أقلل من أهمية وخطورة ما يحدث اليوم في عدن، فهذا التداول المنسق للأحداث المتربصة بالدولة اليمنية يبعث على القلق. فبعد نحو أسبوعين فقط من المحادثات الثلاثية التي شهدتها العاصمة صنعاء بين الحوثيين ووفدين من السعودية وسلطنة عمان، ودارت حول تسوية قد تمنح الحوثيين فرصة للهيمنة السياسية على شمال البلاد، لكن مقابل التعاطي الإيجابي مع انفصال محتمل لجنوب البلاد، ها هو المجلس الانتقالي الذي يتكامل سياسياً واستراتيجياً مع جماعة الحوثي، يعقد لقاء تشاورياً لأطراف جنوبية ذات أدوار سياسية وعسكرية منخفضة أو هامشية، جداً، بغية بناء إجماع جنوبي حول مشروع الانفصال.

وبين محادثات صنعاء ومؤتمر المكونات الجنوبية، تلاحظون أن جهود بناء الدولة اليمنية وتقوية مؤسساتها تعاني من الجمود التام تقريباً، حتى مع عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إلى العاصمة السياسية المؤقتة عدن، وتحوله إلى شاهد حال، عاجز وفاقد الحيلة، على تطورات ومحادثات ومؤتمرات، كله تصب في خانة هدم الدولة اليمنية.

يكتفي قادة الجماعة الحوثية بإطلاق التغريدات الهجومية الاستعراضية ضد المملكة العربية السعودية، للدلالة على أن المحادثات لم تصل بالسرعة المطلوبة إلى ما يريده الحوثيون، لكنها في ظل غياب التمثيل المفترض للقرار السيادي الوطني المصادر عملياً من جانب السعودية، يمكن أن تصل.

وإذا ما تحقق ذلك فإنه سيتعين على الحوثيين أن يترجموا التخادم مع المجلس الانتقالي الجنوبي إلى توافق إجباري على القبول بما تخططه القوى الإقليمية بشأن مصير جنوب اليمن، وهذا الاختبار هو الذي سيكشف لنا أي دور قذر ومتآمر وغادر يمارسه الحوثيون ضد الجمهورية اليمنية.

مع العلم بأن فرض المشروع الانفصالي لن يعني أن المؤثر الإقليمي السعودي سيسمح بتحقيق الإجماع الجنوبي حول هذا المشروع، لأن المخطط يقتضي جنوبياً الاستمرار في تخليق وقائع وقوى أمر واقع جديدة، تسمح بتقسيم المقسم، وصولاً إلى الأهداف الحقيقية للقوى الإقليمية المهيمنة.

هذا السيناريو يمكن أن يمضي فيما لو بقي الشعب اليمني وقواه الحية وجيشه الوطني خارج المعادلة وخارج التأثير، وهذا ما لن يحدث بالتأكيد، إذ لا يمكن لليمنيين أن يقبلوا بتدمير دولتهم وسلب كرامتهم وتحويلهم إلى رهائن بأيدي مرتزقة العصر.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد