في عدن التي تشهد تطورات سياسية خطيرة جداً باتجاه تعزيز المشروع الانفصالي، حط وفد عسكري مصري وصف بأنه رفيع المستوى، برئاسة اللواء محمد إسماعيل عبد الفتاح، والذي أجرى لقاء مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي دار حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ولي حول زيارة الوفد العسكري ملاحظات عدة، إذ لم تحدد وظيفة رئيس الوفد العسكري المصري في هيكلية القوات المسلحة المصرية، ولم ترد تفاصيل ذات قيمة حول مهمة الوفد في اليمن، عدا إشارة وردت في خبر اللقاء الذي أجراه وزير الدفاع مع الوفد وتركز حول تبادل الخبرات، والأهم أن هذا اللقاء الهام غاب عنه أعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمن فيهم عيدروس الزبيدي، حيث اقتصر الحضور على وزير الدفاع وعدد من القيادات العسكرية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإزاء زيارة كهذه هو: في أي سياق تأتي زيارة الوفد العسكري المصري، في ظل هذا التصدع الذي نراه اليوم في بنية السلطة الشرعية، بعد انضمام اثنين من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي إلى المجلس الانتقالي الساعي إلى فرض المشروع الانفصالي.
سبق للرئيس رشاد العليمي أن التقى نظيره المصري قبل عدة أيام في القاهرة، وقبله الزيارة التي قام بها وزير الدفاع محسن الداعري إلى القاهرة. ويفترض أن الرئيسين ربما ناقش دور عسكري مصري في اليمن، ضمن تنسيق كامل مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات، وقد يشمل فيما يشمل إسهاماً مصرياً في تدريب القوات، وفي هذه الحالة سوف تنصرف المهمة نحو تأهيل قوات لها علاقة برئيس مجلس القيادة الرئاسي.
وفي ظل هذا التعتيم يحسن استرجاع النقاشات التي جرت قبل أكثر من عام حول ترتيبات لتواجد عسكري مصري في باب المندب، ضمن مخطط سعودي إماراتي لفرض إشراف إقليمي على المضيق من خلال تواجد عسكري ولوجستي في جزيرة ميون على وجه الخصوص الذي ينشئ فيه التحالف مطاراً عسكرياً.
المشهد اليمني يعج بالمفاجآت والتناقضات، إذ تتعايش أحداث لها صلة بتفكيك الدولة اليمنية، فيما تصدر قرارات بإنشاء قوات درع الوطن، ووضعها تحت إشراف رئيس مجلس القيادة الرئاسي، والبدء بتسهيل انتشار ألوية تابعة لهذه القوات في محافظة حضرموت وهي الخطوة التي أنهت مخططاً للمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات للسيطرة العسكرية على محافظة حضرموت، وإنهاء تواجد القوات التابعة للحكومة في هذه المحافظة، والنظر إليها على أنها "قوات احتلال".
وفي موازاة ملتقي المكونات الجنوبية التشاوري الذي توج بجلب كلاً من فرج البحسني وعبد الرحمن المحرمي، عضوي مجلس القيادة الرئاسي إلى قلب المشهد الانفصالي، جرى تسليم مطار الريان ومنفذ الوديعة للسلطة المحلية في محافظة حضرموت.
انضمام البحسني والمحرمي، أثارت العديد من علامات الاستفهام عن الأسباب التي أدت إلى تطويع هاتين الشخصيتين، وسط توقعات شديد السوء بشأن إمكانية أن يكون الرجلان قد تعرضا للابتزاز، في ضوء تصاعد الحديث عن الدور القاتل للسيديهات في التأثير على السياسات والمواقف، ليس فقط في بلدنا أو منطقتنا ولكن أيضاً في مناطق أخرى من العام ودول تشهد أحداثاً سياسية كالانتخابات وغيرها.
سننتظر لنتابع خط سير الوفد العسكري المصري واللقاءات التي سيجريها مع بقية المسؤولين اليمنيين، وعما إذا كان سيقوم بزيارة إلى باب المندب، لأن تحركات كهذه ستكشف طبيعة المهمة التي جاء لأجلها هذا الوفد.