;
سيف محمد الحاضري
سيف محمد الحاضري

قراءة تحليلية .. "مجلس القيادة بين الفشل والإملاءات.. هل حان وقت التصحيح أم البحث عن بديل؟" 212

2025-03-09 04:29:59

مع اقتراب الذكرى الثالثة لنقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي، يتجه الواقع السياسي في اليمن نحو تأكيد فقدان المجلس لشرعيته، ليس بسبب انقلاب عسكري أو تحركات معارضة، ولكن بفعل الفشل التام في تحقيق أي من المهام الجوهرية التي شُكِّل من أجلها، واستسلامه لإملاءات إقليمية ساهمت في إضعافه وتحجيم دوره.

عندما تم نقل السلطة من الرئيس هادي إلى مجلس القيادة، كان هناك إجماع إقليمي ودولي على أن هذه الخطوة جاءت لإعادة ترتيب الشرعية، وتفعيل دورها السياسي والعسكري لاستعادة الدولة من الميليشيات الحوثية. لكن بعد مرور ثلاث سنوات، ما الذي تحقق من هذه الأهداف؟

•• مجلس القيادة وعجزه عن إدارة الدولة

خلال هذه الفترة، كان مجلس القيادة عاجزًا عن تحقيق أي من المهام الأساسية التي أُنيطت به، ومنها:

عدم القدرة على العودة إلى الداخل والاستقرار النهائي في اليمن، رغم أن وجود القيادة في الميدان شرط أساسي لممارسة السلطة وإدارة الدولة.

shape3

العجز عن إلزام الحكومة بكامل أعضائها بالعمل من الداخل، مما جعل المؤسسات الشرعية شبه مشلولة، بينما تبقى القرارات معلقة بين الداخل والخارج.

عدم القدرة على إقناع السفراء بإعادة فتح سفاراتهم في العاصمة المؤقتة عدن، ما أدى إلى استمرار العزلة الدبلوماسية للحكومة الشرعية.

الفشل في إلزام المنظمات الدولية بفتح مقراتها في عدن، مما ساهم في استمرار تركيزها على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

عدم قدرة المجلس على إقناع أعضائه أنفسهم بأنهم يقودون دولة، وأن عليهم أن يكونوا قدوة في ممارسة مهامهم الوطنية.

التردد في السماح للحكومة برئاسة أحمد عوض بن مبارك بعقد اجتماعاتها في عدن منذ شهور، مما يعكس انقسامات داخلية حادة.

العجز عن اتخاذ قرارات اقتصادية حاسمة لوقف الانهيار المستمر للعملة والاقتصاد، مما زاد من معاناة الشعب.

•• التحالف العربي ودوره في صناعة الفشل

إلى جانب هذا الفشل الذاتي، كان للتحالف العربي، وتحديدًا السعودية، دور بارز في إيصال مجلس القيادة إلى هذه المرحلة الحرجة.

عند تشكيل المجلس، التزمت السعودية والإمارات بسلسلة من الوعود لدعمه سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، لكنها لم تلتزم بتنفيذ أي منها، مما جعل المجلس في وضع هشّ غير قادر على إدارة المرحلة. ومن أبرز هذه الوعود:

1. تقديم منحة بقيمة 3 مليارات دولار لدعم الاقتصاد اليمني، وهو ما لم يتحقق بالشكل الموعود.

2. دعم عودة مجلس القيادة والحكومة إلى الداخل، لكن المجلس والحكومة لا يزالان يعملان في الخارج، أو في مناطق محصورة داخل اليمن دون صلاحيات حقيقية.

3. تفعيل عمل مجلس النواب، لكن البرلمان ظل معطلاً وغير قادر على أداء دوره التشريعي والرقابي.

4. توحيد جميع الفصائل المسلحة تحت وزارتي الدفاع والداخلية، لكن التحالف سمح بظهور كيانات عسكرية موازية تهدد تماسك الدولة.

5. عدم السماح بإنشاء أي كيانات مسلحة خارج إطار الدولة، لكن الواقع يكشف أن هناك فصائل تعمل بشكل مستقل تمامًا عن الحكومة الشرعية، وهو ما يقوض سلطة الدولة.

على العكس مما وعد به، عمل التحالف على خلق بيئة غير مستقرة لمجلس القيادة، مما جعله مجلسًا بلا صلاحيات حقيقية، وأفرغ دوره من أي محتوى سياسي أو عسكري فاعل.

•• استسلام مجلس القيادة للإملاءات الإقليمية

لكن المشكلة الأكبر لا تكمن فقط في خذلان التحالف، بل في استسلام مجلس القيادة لهذا الواقع، وعدم تحركه للبحث عن خيارات أخرى. بدلاً من اتخاذ موقف واضح للدفاع عن شرعيته، انحنى المجلس أمام الإملاءات السعودية، ونفذ كل ما طُلب منه دون أن يفرض أي شروط تحفظ استقلالية القرار اليمني.

النتيجة كانت كارثية:

تنازلات سيادية لصالح الميليشيات الحوثية، مقابل وعود لم تُنفذ.

غياب أي استراتيجية حقيقية للتعامل مع قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، رغم أن القرار كان فرصة سياسية لحصارهم دوليًا.

تفكك القرار السيادي، حيث أصبح المجلس مجرد هيئة تنفيذية لإملاءات إقليمية، دون أن يكون له رؤية مستقلة لإدارة المعركة الوطنية.

•• الخيارات المتاحة لمستقبل اليمن: بين إعادة الشرعية وتصحيح المسار وفرض واقع جديد

في ظل هذا المشهد المتأزم، لا يمكن لليمن أن يبقى رهينة لقيادة فاشلة وإملاءات خارجية تعيق استعادة الدولة. هناك ثلاثة خيارات رئيسية قد تفرض نفسها على الشعب اليمني ومكوناته السياسية خلال المرحلة المقبلة:

1. إعادة الرئيس هادي: مستبعد لكنه ورقة ضغط

رغم أن هذا الخيار يُطرح كحل لاستعادة الشرعية الأصلية، إلا أن الواقع السياسي يجعله مستبعدًا لعدة أسباب:

نقل السلطة إلى مجلس القيادة تم بترتيب إقليمي ودولي، ومن غير المرجح أن توافق الأطراف الفاعلة على إعادة الرئيس هادي.

الرئيس هادي نفسه لا يمتلك الأدوات السياسية أو العسكرية التي تتيح له العودة لممارسة دوره كرئيس فعلي، ما يجعل هذا الخيار أقرب إلى ورقة ضغط سياسية منه إلى احتمال واقعي

ومع ذلك يبقى هذا الخيار أيضا متاحا لإمكانية التحقق إذا توافرت الشروط التالية: •• اجماع القوى السياسية

•• إعلان القيادات العسكرية ولاءها للرئيس هادي.

•• التفاف شعبي واسع يطالب بعودة الرئيس هادي.

•• تحرك دبلوماسي واسع إقليميا لإقناع المجتمع الدولي بدعم عودة الرئيس هادي.

2. تصحيح مسار مجلس القيادة: الخيار الأكثر واقعية لكنه يتطلب إرادة قوية

هذا السيناريو هو الأكثر احتمالًا إذا قررت المكونات السياسية التحرك لإنقاذ المجلس بدلًا من تركه ينهار، لكنه مشروط بعدة عوامل:

إحداث تعديل جوهري في تركيبة المجلس، وإزاحة العناصر غير الفاعلة.

تشكيل حكومة إنقاذ وطني مستقلة عن المحاصصة السياسية، بحيث تعمل بكفاءة بعيدًا عن الصراعات الداخلية.

إعادة التفاوض مع التحالف العربي لضمان تنفيذ الوعود التي لم تتحقق، مع فرض شروط تضمن استقلالية القرار اليمني.

نجاح هذا الخيار يتوقف على قدرة القوى السياسية على ممارسة ضغوط حقيقية لإجبار التحالف على دعم هذا التوجه بدلاً من استمرار حالة الجمود السياسي.

3. تشكيل كيان وطني جديد: الخيار الأكثر جرأة لكنه محفوف بالمخاطر

هذا الخيار قد يصبح ضرورة إذا استمر مجلس القيادة في حالة الشلل ولم يتم إصلاحه.

نجاح هذا السيناريو يتطلب:

توافقًا سياسيًا واسعًا بين القوى الفاعلة داخل اليمن.

وجود دعم شعبي قوي لهذا الكيان الجديد، بحيث يفرض نفسه كبديل شرعي لمجلس القيادة الحالي.

قدرة عسكرية ميدانية تحمي هذا المشروع من التفكك أو الاستهداف من قبل القوى المتضررة منه.

المشكلة في هذا الخيار أنه قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل الشرعية بدلًا من إصلاحها، مما قد يمنح مليشيات الحوثي فرصة أكبر لتعزيز نفوذهم ولذلك يتطلب هذا الخيار العمل على تقليل فرص حدوث أي انقسامات داخل الشرعية إلى الحد الذي يمنع مليشيات الحوثي اي فرصه لتعزيز نفوذها

•• الخيار الأكثر ترجيحًا في الوقت الراهن: تصحيح مسار مجلس القيادة قبل فوات الأوان

اليمن أمام لحظة حاسمة، إما أن يستعيد قراره الوطني، أو أن يبقى رهينة لقيادة عاجزة وإملاءات خارجية تعرقل أي تقدم نحو استعادة الدولة. الكرة الآن في ملعب القوى الوطنية ومكونات الشرعية لاتخاذ قرارها قبل أن يصبح الأمر خارج نطاق سيطرتها تمامًا.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد