الناس، لا يعجبهم الكلام عن الهزائم.
الناس، يلجؤون لتغليف الهزائم بالحلوى، أو ينكرون الهزيمة ويعاندون، أو من شدة الصدمة لا يدرون أنهم قد انهزموا.
معنا اليوم ثلاث نماذج للتعامل مع الهزائم:
١- تعامل الإيرانيين مع هزيمتهم بتغليفها بالحلوى
٢- تعامل الحوثيين مع هزيمتهم بالعناد لما قبل السقوط الكبير
٣- تعامل اليمنيين مع هزيمتهم ب "السبهللة".
أولا: إيران تغلف الهزيمة بالحلوى
أمس، هو اليوم الرسمي المعتمد لقبول إيران بالهزيمة في مسألتين:
١- حرمان إيران من الميليشيات والأنظمة التابعة لها في البلاد العربية
٢- حرمان إيران من الحصول على الأمن المطلق بامتلاك السلاح النووي أثناء مغامراتها في محاولات السيطرة على الدول النفطية العربية.
اجتمع أمس، المفاوض الأمريكي ويتكوف مع المفاوض الإيراني عباس عراقجي.
وهذه هي معالم طبقات السكر والحلوى لتغليف هزيمة إيران:
١- الأمريكي ويتكوف قبل الإجتماع (يوم الجمعة)
"سوف نطلب تفكيك برنامج إيران النووي بالكامل"
ولكنه لمح بأنه من الممكن القبول بأقل من ذلك.
اسرائيل، كانت هي التي طلبت تفكيك المشروع النووي الإيراني تحت إشراف أمريكا بالكامل بنفس طريقة ما حدث في ليبيا.
ويتكوف، يقول أن تحقيق طلب اسرائيل غير ممكن.
وهذا شيئ تطلبه إيران بشدة.
{{ … الأمريكي ويتكوف مستعد لإعطاء إيران ما يلزم لحفظ ماء الوجه. }}
٢- الإيراني عراقجي، أثناء الاجتماع (يوم السبت)
طلب من ويتكوف الإفراج عن عشرات المليارات الدولارات التي تملكها إيران وتحتجزها أمريكا.
هذا مفاوض إيراني يتعشم الخير من أمريكا.
ويطلب منه قطعة سكر وحلوى ليقدمها للشعب الإيراني وللمتشددين والمتزمتين وللزعيم، ليتمكنوا من بلع وهضم إملاءات أمريكا
{{ … الإيراني عراقجي، يطلب ما يلزم لتغليف الاستسلام على هيئة انتصار. }}
٣- الإيراني عراقجي، بعد الاجتماع (أمس الأحد)
يقول: "في الاجتماع (اليوم) أعتقد أننا قاربنا بشكل كبير أسس المفاوضات... لا نريد نحن ولا الطرف الآخر مفاوضات عقيمة، ومناقشات من أجل المناقشات، وإضاعة للوقت ومفاوضات تستمر إلى ما لا نهاية».
ثم أعلن للتلفزيون الإيراني: أن اجتماعا جديدا سيعقد "السبت المقبل" بهدف التوصل إلى اتفاق «بأسرع وقت».
{{ … المفاوض الإيراني عراقجي، يستعمل كل الكلمات والمفردات التي يحبها ترامب. }}
{{ الإيراني، يبالغ في رسائل التودد والتطمين لترامب. }}
ترامب بعد الاجتماع مباشرة (يوم السبت)
"أعتقد أن الأمور مع إيران تسير على نحو جيد للغاية."
قال هذا للصحفيين وهو يدخل الطائرة الرئاسية.
{{… ترامب، أعجبه ما سمعه من مبعوثه ويتكوف بعد الاجتماع واستقبل التودد الإيراني بالرضا والقبول. }}
الخلاصة سوف تدخل إيران مرحلة جديدة في حياتها.
… مرحلة ما بعد الهزيمة.
ثانيا: هكذا انهزمت إيران
١- الهزيمة خارج إيران
قد انهزمت إيران في الحقيقة يوم عمليات تفجير "البيجرات" في القيادات الوسطية لحزب الله داخل لبنان واغتيال القيادات العليا بالطائرات الدرونز، ثم اغتيال حزب الله في بدروم تحت الأرض بالقنابل الضخمة الارتجاجية.
٢- الهزيمة داخل إيران
قد انهزمت إيران في الحقيقة بالتصوير البطيء على يد اسرائيل باختراق الموساد للمخابرات والأمن والحرس الثوري الإيراني بقتل العلماء والقادة الإيرانيين وقتل قائد حماس الفلسطيني اسماعيل هنية في مقر إقامته في حدائق الشاه الإمبراطور السابق لإيران.
قد انهزمت إيران في الداخل أيضا يوم ضرب سلاح الطيران الإسرائيلي معامل الوقود الجاف للصواريخ ودمرت الدفاعات الجوية التي تحمي طهران ومنشآت النفط في عبدان.
ثالثا: العدمية الحوثية والهزيمة
كانت الحركة الحوثية في حالة انتصار شامل عندما أنجزت إتفاق خريطة الطريق مع المملكة العربية السعودية، في أكتوبر ٢٠٢٣.
وبعد الانتصار تسبب الحوثيون بهزيمة أنفسهم بأيديهم.
١- الحوثيون أقوياء
لا أحد ينكر قوة الحوثيين.
الخلاف كله هو عن اسباب قوة الحوثيين.
الحوثيون والبعوض
يمكن تشبيه قوة الحوثيين بقوة حشرة البعوض التي تنشر الملاريا وحمى الضنك.
في علوم مكافحة الأوبئة، هناك قاعدة بأنه لا يمكن إبادة حشرات البعوض بالرش بالمبيدات ولكن يمكن عمل الكثير للتخلص من الأوبئة إما بالتخلص من تجمعات المياه الراكدة والمستنقعات التي تنثر بيضها بداخلها أو بإخصاء الحشرات بتعديل الچينات ونشر البعوض المصاب بالعقم في البيئة بحيث يتم التزاوج لكن بدون الإخصاب وهكذا يتم القضاء على التوالد.
الذي يزود ويجسم ضراوة البعوض وطفيليات الملاريا وڤيروس حمى الضنك، هو عدم المعرفة بعلم مكافحة الأوبئة، أو سبهللة القائمين على تقديم الخدمات الصحية.
السبهللة هنا تعني عدم القيام بواجبهم وعدم اكتراثهم بحجم الكارثة الصحية.
المياه الآسنة والبرك التي يتوالد داخلها الحوثيون، هي العصبيات السلالية والقبلية والمناطقية.
الذي يزود ويجسم ضراوة الحوثيين، هو تفكك قوى الشرعية وانعدام القيادة والسبهللة.
٢- الصواريخ تحتاج عقل
إيران، أعقل من الحوثي بكثير.
لا أحد يعطي صواريخ لناس بلا عقل.
انهزمت الحوثية، يوم استعملت الصواريخ والمسيرات الدرونز.
انهزمت الحوثية، يوم قصفت السفن في البحر الأحمر وأعلنت تحديها لأمريكا وحاملات الطائرات.
هذا ألغى مراسيم حفل التوقيع على خارطة الطريق الذي كان متوقعا في يناير ٢٠٢٤ في الرياض.
لم يستفد الفلسطينيون من قصف الحوثيين لإسرائيل وإن كان هذا لم يمنعهم من الابتهاج بأنه مازال هناك في البلاد العربية من يتجرأ على ضرب اسرائيل.
هذا جعل اسرائيل مصممة على اغتيال قادة الحوثيين سواء بواسطتها مباشرة أو بالتعاون مع الأمريكيين.
٣- انقطاع دعم المنظمات
أموال المنظمات التابعة للبنك الدولي والأمم المتحدة والصحة العالمية واليونيسيف في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تبلغ حوالي مليار دولار في العام، وهي التي تقدم كل الخدمات، ولها الدور الأكبر في تسخير العصبيات القبلية والعصبيات المناطقية لخدمة العصبية السلالية الحوثية، ولها نفس مفعول البرك والمستنقعات التي تساعد على نشر البعوض والأوبئة.
ترامب، ألغى وكالة المساعدات والتنمية الأمريكية التي هي الممول الأكبر للمنظمات الدولية، وهكذا حرم الحوثيين بدون قصد من أحد شرايين الحياة.
٤- ضربات ترامب
الحوثيون يقولون أنهم يستطيعون تحمل ضربات ترامب الحربية، وهذا أمر سوف ينكشف خلال أسابيع قليلة.
لكن إذا منع ترامب إيران من إرسال النفط والسلاح والمال كما هو متوقع فإن هذا سوف يكون ضربة أكبر من حرمان الحوثيين من أموال المنظمات.
٥- السقف العالي والعدمية
الحوثيون، ركبوا السقف العالي ووضعوا أنفسهم في مكان لا يستطيعون بداخله الاستمرار بالحياة إلا إذا كانوا حكاما وسادة عنصريون على اليمنيين.
من يتبختر عاليا فوق السحاب لا يستطيع أن ينزل ويعيش بين الناس.
لا يمكن أن يبقى الحوثي على قيد الحياة إذا نزعت منه السيادة والعنصرية.
وهذا هو ما نعنيه بالعدمية.
ولهذا لا يمكن أن يقبل الحوثي بالهزيمة.
ولهذا فإن نهاية الحوثية، هي مسألة حتمية.
رابعا: هزيمة الشرعية اليمنية: الحقيقة الغائبة
من الذي مازال يقول- علنا- أنه يمثل الشرعية اليمنية؟
من الذي مازال يقول- علنا- أنه يحمي مرجعيات الشرعية اليمنية؟
من الذي مازال يقول- علنا- أنه رئيس الشرعية اليمنية؟
من الذي مازال يقول- علنا- أنه يحمي الوحدة اليمنية؟
من الذي مازال يقول- علنا- أنه قائد كل الجيوش اليمنية؟
من الذي مازال يقول- علنا- أنه حليف للشرعية اليمنية؟
إذا وُجد من يجيب: "أنا" على هذه الأسئلة، فالشرعية اليمنية موجودة.
إذا أحنى الجميع رأسهم وطأطأوا نحو الأرض مع الصمت المطبق، فالشرعية اليمنية غير موجودة.
هذا هو الموجود
هناك مجلس رئاسي، ويفتخر أعضاؤه الثمانية بأنهم لم يعودوا يقاتلون بعضهم البعض… لكن هذا ليس هو الشرعية.
ويدعي الأعضاء الثمانية بأنهم متحدون في كراهية الحوثيين… لكن هذا ليس هو الشرعية.
ولا أحد يسمع أي من الأعضاء الثمانية، ينطق بكلمة الشرعية… وهذا ليس الشرعية.
الشرعية، هي روح اليمن.
اليمن، لا تدري أنها قد انهزمت.
خاتمة
هذا ليس فرحة مهووسة بانتهاء دور إيران في اليمن والمنطقة ولا ابتهاجا بقرب الخلاص من الحوثية.
إيران والحوثي، هم أعتى أعداء الشرعية.
وهذا ليس تثبيطا للروح المعنوية للغالبية العظمى لليمنيين الذين يحبون الشرعية ويتمنون انتصار الشرعية.
الشرعية، ليست الأشخاص وليسوا أعضاء المجلس الثمانية وليسوا الحلفاء وليسوا أمريكا ولا أوروبا.
الشرعية، هي المرجعيات والدستور وسيادة القانون والمساواة والوحدة اليمنية.
هذا دعوة لفهم ما يحدث للشرعية ولليمن.
الفهم، هو أول الطريق لنصرة ودعم الشرعية.
