تمتلك قيادات الشرعية ونخبها السياسية والإعلامية ذاكرة مثقوبة، لو كانت ذاكرة سلطة الشرعية غير مثقوبة لمنعت الكثير مما حدث ويحدث ولما استمرت عشر سنوات وهي تردد، قادمون يا صنعاء، ثم هي اليوم توهم نفسها بأن أمريكا ستخوض حربا مع الحوثيين نيابة عنها لتعيدها إلى صنعاء لكي تحكم ..
إن أسوأ ما أصيبت به قيادات الشرعية المصابة بالذاكرة المفقودة هو استسلامها للتناقضات في مواقفها وعلاقتها ببعضها البعض قد شجع السعودية والإمارات من انتقاصهما من قدراتها وأوجد ما يشبه الطمع في إضعاف السيادة الوطنية والاستيلاء على بعض الأراضي اليمنية..
وقبل أن أدخل في الحديث عن العلاقات بين الحوثيين والأمريكيين دعونا نعرج على الحوار الأمريكي الإيراني حول الملف النووي الذي أوقف الحوار حوله الرئيس ترامب وهو الذي أعاد فتحه مجددا وسيحتفل الإيرانيون باتفاقهم مع أمريكا ولا عزاء للمغفلين..
وعبر تاريخ طويل من العداء العلني بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران منذ قيام الثورة الإسلامية، إلا أن البلدين يتبادلان المصالح بالرغم من التهديدات المتبادلة، فمنذ مطلع الثمانينات وإيران تتعرض لتهديد مستمر بالغزو من قبل أمريكا إلا أن ذلك الغزو لم يحدث..
لنتوقف الآن أمام العداء الظاهري بين الحوثيين وأمريكا والصداقة الخفية، ولنتوقف عند سؤال، من الذي منع معركة تحرير الحديدة وسقوط الحوثيين، ومن الذي منع قرار البنك المركزي في عدن من عدم التعامل مع العملة القديمة التي يتعامل بها الحوثيون ومنع نقل البنوك من صنعاء إلى عدن، أليست أمريكا، ومن يفعل ذلك هل يكون عدوا أم صديقا؟!.
سيقول أحدكم وماذا عن القصف الذي يمارسه الطيران الأمريكي، والإجابة مثله مثل القصف الذي مارسه التحالف العربي لضرب البنية التحتية لليمنيين وقتل قيادات عسكرية ليست حوثية كان يمكن أن تكون في يوما ما ضد الحوثيين، انظروا للقيادات التي يستهدفها الطيران الأمريكي، إنها من القيادات التي لا تنتمي لما يسمى بالهاشميين، من الذين صدقوا أن أمريكا عدو فيقاتلونها وبالتالي يتم استهدافهم، فمنذ بدأت الحرب في ٢٠١٥ لم يقتل قيادي حوثي واحد إلا من تم تصفيته داخليا في صراعهم على السلطة..
يبقى السؤال، ماذا لو أن الحوثيين اتفقوا مع الولايات المتحدة الأمريكية وأعلنوا صراحة بأنهم سيتعاونون معها في تأمين الملاحة في البحر الأحمر، فما هو وضع الشرعية حينذاك، والسؤال الأهم، لو افترضنا أن أمريكا في عداء مع للحوثيين، فكيف ستحارب بقيادات متنافرة غير متفقة فيما بينها، فهل ما يزال في الإمكان ترقيع ذاكرة السياسيين والإعلاميين المثقوبة لكي تتجاوز مراحل التعثر والانكسار؟!.