إن الحديث عن مدى تضرر مليشيات الحوثي الإرهابية – ذراع إيران في اليمن – جراء الضربات الجوية الأمريكية التي استمرت لأكثر من 41 يوماً، يظل صعب القياس بدقة في ظل غياب أي تحرك ميداني على الأرض يمكن من خلاله قياس النتائج بشكل واقعي.
فالضربات الجوية، رغم أنها قد ألحقت خسائر ملموسة في البنية التحتية العسكرية للمليشيات – من مستودعات السلاح، ومنصات الإطلاق، ومراكز القيادة والسيطرة – إلا أن غياب العمليات البرية المصاحبة يفرغ تلك الضربات من فعاليتها الاستراتيجية الشاملة.
كذلك، فإن الحديث عن فقدان المليشيات لسيطرتها القيادية أو اضطراب منظومتها القيادية العسكرية يبقى افتراضاً غير قابل للقياس الميداني ما لم تتزامن معه معركة ميدانية تعكس ذلك الضعف على مستوى القيادة والتحكم (C2 – Command & Control).
ما نريد توضيحه هنا أن تأثير الضربات الجوية على القدرات القتالية للمليشيات – حتى وإن أصابت أهدافها بدقة وأحدثت أضراراً كبيرة في شبكات الإمداد والتموين (Logistics Lines)، وفي مخزون الأسلحة والذخائر – يبقى غير مكتمل الجدوى من الناحية العسكرية، ما لم يُستثمر عبر تحرك بري سريع ومنظم يسعى لتغيير ميزان القوى على الأرض.
أما استمرار الوضع الراهن على هذا النحو، فهو يمنح المليشيات فرصة ثمينة لإعادة تنظيم صفوفها، وترميم قدراتها العسكرية، وتعويض خسائرها البشرية من خلال عمليات التعبئة والحشد، وبالتالي تفويت فرصة تاريخية لإضعافها بشكل استراتيجي.
من هنا، نؤكد على ضرورة التحرك العسكري الفوري والمباغت من قبل القوات الحكومية والمقاومة الوطنية، بالتوازي مع الضربات الجوية، لضمان تحقيق مكاسب ميدانية ملموسة تترجم الخسائر التي تتكبدها المليشيات إلى تقدم استراتيجي على الأرض.
إضافة إلى ذلك، تبقى الإجراءات السياسية والاقتصادية المصاحبة – كتصنيف المليشيات منظمة إرهابية، وفرض عقوبات دولية صارمة، ومحاصرة شبكات تمويلها وتهريب الأسلحة إليها – أكثر جدوى إذا تم تنفيذها بتناغم تام بين الحكومة الشرعية، والمحيط الإقليمي، والمجتمع الدولي.
وتبقى من بين أهم الخطوات الحاسمة: منع أي وجود سياسي أو لوجستي لقيادات المليشيات الإرهابية في أي من عواصم دول الخليج، وقطع كافة قنوات الاتصال والتواصل السياسي معها، لتجد نفسها في عزلة خانقة قد تكون أشد فتكاً من الضربات العسكرية، وتجعل من استمراريتها السياسية والعسكرية أمراً مستحيلاً.