;
حسين الصوفي
حسين الصوفي

السعودية وديبلوماسية "القلوب"! 275

2025-05-19 09:42:55

تحولت لغة الجسد لولي العهد السعودي لحظة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، إلى لقطة متداولة، و"ترند" سوري، غطت وسائل التواصل ومختلف وسائل الإعلام، ولو أردنا أن نضع عنوان لهذا الفعل المتبادل لكان "الشعور بالامتنان"، ويمكن وصفها بـ"دبلوماسية القلوب" كمنهجية توازي الدبلوماسية الناعمة أو الشعبية، وأعمق أثرا مما يعرف بالقوة الناعمة أو أنسنة النفوذ. حالة لافتة تفرض نفسها للنقاش والقراءة لاعتبارات عدة.

وقبل أن نخوض في قراءة ما وراء اللقطة، فإن اللحظة نفسها كانت عاطفية وصادقة، وإنسانية مكتظة بالمشاعر الدافئة، التي كان سمو الأمير محمد بن سلمان يفصح عن سعادته ومشاركته للشعب السوري العظيم الفرحة الغامرة بدخول عهد جديد يداوي جراحاته الغائرة المتراكمة منذ ازيد من نصف قرن.

ورد الفعل الرسمية والشعبية للسوريين، ومبادلة الامتنان بالامتنان، تفصح في المقابل عن أمة مرهقة وشعوب طحنتها الحروب واستنزفتها الجرائم البشعة بكل أنواعها، وكانت بحاجة ماسة إلى دبلوماسية المشاعر الأخوية، ولغة القلوب تمسح دموع السنوات الطويلة من العذابات والقتل والدمار والشتات والغرق والتيه في البر والبحر.

الرسائل التي حملتها تلك اللقطة لا تحتمل التفسيرات التي تصدر عن أحكام مسبقة، أو مواقف متصلبة سواءً كانت مبالغة في الولاء، أو فجرا في الخصومة.

shape3

 وبعيدا أيضا عن انطباع غير السوريين من تلك اللقطة، فإن الفعل ورد الفعل والامتنان الغزير ووقوف الأمير محمد بن سلمان للتصفيق للرئيس ترامب ابتهاجا للشعب السوري والحكومة السورية، في موقف استثنائي يستحق أن نتوقف عند الدور السعودي في المنطقة ومقارنة نفوذها المتنامي مع المشاريع الإقليمية ورؤيتها للدول العربية والشعوب العربية خلال السنوات العشر الأخيرة!.

منذ احتلال العراق، عام ٢٠٠٣م تحولت المنطقة العربية من مجال صراع القوى الدولية إلى "المجال الحيوي الأمريكي"، ومنذ ما بعد الربيع العربي عقدت الولايات المتحدة الأمريكية صفقات، جانبية، لتوزيع النفوذ في المنطقة بين قوى إقليمية، تحول إلى صراع مشاريع، كاد أن يؤدي إلى "فراغ" من الهيمنة الأمريكية، قد تملؤه قوة عظمى إما الصين أو روسيا بحسب وصف الرئيس الأمريكي بايدن في زيارته للرياض عام ٢٠٢٢ وقال أنه لن يسمح بهذا الفراغ.

عاشت دول المنطقة في المرحلة الأخيرة سنوات بالغة الخطورة في تاريخها، فقد أريد لنا أن نختار بين نموذجين من المشاريع الإقليمية التي كانت بمثابة مقاول من الباطن للهيمنة الأمريكية خلال العقدين الماضيين، هما إيران وإسرائيل، واستهدف الوعي الجمعي العربي بحرب مسعورة، تحاول تدجينه واستلابه من ذاته واغتيال شخصيته، وتحويله إلى ملحق تابع لكلا المشروعين، وكادا يتحولان إلى قدر محتوم، وأن عليك كعربي إما ان تنحاز للمشروع الصهيوني أو المشروع الإيراني، وكأننا لسنا أمة نستحق أن تكون لنا دول تربطها هوية ولغة ومصالح مشتركة وروابط أخوية وعادات وتقاليد متشابهة ضاربة في جذور التاريخ ولها كيانها وشخصيتها وحضارتها وقيمها وإنجازاتها التي بلغت الأفاق وشملت الإنسانية جمعاء.

 نجحت إيران في تحويل البلد الغني بالنفط والثروات، والدولة التي كانت تنفق على ما يقارب من ١٥٠ جامعة في دول شتى من العالم، وتلك الجغرافيا الرابضة على بحيرة نفط، حولتها إلى ساحة للصراعات والفقر والجوع والفساد، والحرب الهوياتية والقتال الطائفي وصنعت تحالفات بين أقليات صغيرة أسندت لها مهمة "إدارة النفوذ" في شكل السلطة المعينة، المسلحة بالقوة والمال، وبالعقيدة المفروضة، وكذلك فعلت في سوريا واليمن ولبنان، مثلها فعل المشروع الصهيوني، حيث انتزعا حق شعوبنا، ويريدون تحويل أصحاب الأرض في بغداد والقدس وصنعاء وبيروت، إلى مجرد سكان، بلا هوية ولا إرادة ولا حقوق ولا دولة.

النفوذ السعودي بقيادة ولي العهد يعتمد التدخل الإيجابي، ومن خلال تتبع الأحداث والوقائع، فإن دبلوماسية القلوب يكاد يكون عنوان المرحلة، أو هكذا يتوقع المواطن العربي الذي شردته الحروب، ولاحقته الفجائع والكوارث، والنكبات، وتعددت حوله المصائب والنوائب، حتى بات في حالة سحيقة، لم تعد المواقف وحدها تكفي لشد أزره وإيقافه على قدميه، بل بات في حاجة ماسة إلى دبلوماسية القلوب تشاركه فرحته، وترسم البسمة الكبرى على محياه، وأكبر أفراحنا أن نستعيد أوطاننا، وأعظم إنجازاتك أن تكون شريك الفرحة وصانعها، وأنت تفوز بدبلوماسية القلوب.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد