قبل ٣٥ عاما تحققت تطلعات جيل من ثوار سبتمبر وأكتوبر بعودة أصل اليمنيين شمالا وجنوبا والذي يرتكز على تاريخ يمتد إلى آلاف السنين، كان هؤلاء الثوار يقرأون عن إسهامات اليمنيين في صناعة الحضارة الإنسانية، فكان ذلك بمثابة المثل الأعلى المحفز لحركة الاستقلال إلى ما هو أكثر من مجرد الحرية من الحكم الإمامي والاستعمار البريطاني..
فقد اعتقد الثوار استنادا إلى تاريخ اليمن أن قدرهم هو إنشاء شعب مثالي يكون مثالا للعالم وكان هدفهم إنشاء شعب متحد ومستقل وحر..

كانوا ينظرون إلى الوحدة بوصفها هدفا وطنيا كبيرا يمثل استكمالا لكيان اليمن الموحد سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا يعتبرون أن الوحدة أمر ضروري لتحقيق الرفاهية والتطور للبلاد..
ومع مرور الوقت تشكلت مجاميع تعاني من متلازمة نفسية تسمى "كراهية الذات"، فالانفصالي يكره ذاته قبل كرهه لوطنه، لأنه ينظر إلى نفسه بدونية وعدم الثقة، فإذا نظرت إلى سلوك الانفصالي ستجده متوتر غير قادر على خلق علاقات اجتماعية سوية مع من حوله..
الانفصالي لا يحب الآخرين مطلقا، بناء على قاعدة "فاقد الشيء لا يعطيه"، فيلجأ كنوع من الانتقام إلى تصدير كراهيته للآخرين، وهنا يبدأ سلوك الخيانة يظهر إلى العلن ويبدأ الاعتزاز بالمحتل وكراهية كل ما هو وطني..
تنتج كراهية الذات لدى الانفصالي من أسباب كثيرة، يرجع بعضها إلى التنشئة العائلية غير السوية وغياب الثقة بالنفس والفشل المستمر، أنظروا إلى كل من يدعو إلى الانفصال، ستجدونه فاشلا في حياته وفي علاقاته ويشعر دائما بالوحدة والانعزال..
ونتيجة للشعور بالنقص والدونية من قبل الانفصالي، فإنه يعتقد دوما بأن الآخرين يكرهونه وينبذونه ويتعزز لديه انطباع بكونه أدنى من الآخرين الذين يريد الانفصال عنهم، وهذا يحدث حتى لدى الأزواج حيث نجد أن الذي يشعر بالدونية هو الذي يطلب الطلاق..
الانفصالي يكره وطنه، لأنه بلا انتماء وغير قادر على المشاركة مع الآخرين ولا حتى قادر على المحاججة والنقاش، فيلجأ إلى إخراج كل ما في داخله من كراهية يعبر عنها بالشتيمة والألفاظ البذيئة معتقدا أنه يحمي نفسه من الاستسلام للحجج الحكيمة، وقدرته دائما المستعمر لأنه يحس أن تعاونه مع المستعمر سيمكنه من تقيؤ كراهيته في وجوه الأسوياء من الوطنيين..