;
سيف محمد الحاضري
سيف محمد الحاضري

خطاب طارق صالح.. بين ما قيل وما لم يُقال 392

2025-06-04 01:48:46

لا أتفق مع ما جاء في خطاب العميد طارق صالح، ولا أقرّ صوابية الطرح الذي تضمنه، كما لا أشارك في الحملة التي شُنّت ضده كردّ فعل عليه.

shape3

سأذهب في التعاطي مع هذا الخطاب من زاوية أشمل، تتجاوز الأشخاص لتلامس جوهر الخلل، زاوية تكشف دلالات خطيرة تمس الجميع، بمن فيهم طارق نفسه، وقبله الدكتور رشاد العليمي، وجميع أعضاء مجلس القيادة.

ما يمكن التوافق معه في خطاب العميد طارق هو الإقرار بأن قرار الحرب لم يعد بيد مجلس القيادة.

وإذا اتفقنا على هذه النقطة الجوهرية، فلابد أن نطرح السؤال الأهم:

لماذا لم يعد قرار الحرب والسلم بيد القيادة اليمنية؟

وعندما نتحدث عن "القيادة اليمنية"، فنحن لا نعني فقط مجلس القيادة الحالي، بل أيضًا الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن الأحمر.

استلاب القرار السياسي والعسكري من الشرعية لم يكن وليد لحظة واحدة، بل كان نتيجة لتراكم تحديات سياسية وعسكرية واقتصادية واجهتها الشرعية منذ اندلاع "عاصفة الحزم" وحتى اليوم.

وبالعودة إلى النقاش حول قرار الحرب والسلم، فإن من يشتكون اليوم من غيابه عن أيديهم، هم أنفسهم من ساهموا في تقويضه بالأمس.

أعضاء مجلس القيادة الرئاسي الحاليين كانوا في مراحل سابقة أدوات لإضعاف الشرعية، والمخالب التي تم بها حصار القرار اليمني قبل أن يُستلب، أو بدقة أكثر، قبل أن يُعطَّل ويُخرَج من الإطار اليمني تمامًا.

بعد تحرير عدن، كانت فرصة ثمينة لاستعادة زمام المبادرة، وكان استقرار العاصمة المؤقتة وعودة الحكومة إليها عاملاً حاسمًا في الحفاظ على التوازن السياسي والعسكري بين الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف.

لكن، ما حدث لاحقًا من صراع بين مكونات الشرعية وشركاء تحرير عدن والجنوب، أدى إلى ضياع هذه الفرصة، وإلى تفتيت القرار السياسي وتصدّع وحدة الجبهة الوطنية.

بداية استلاب قرار الحرب والسلم كانت عبر استلاب الأرض لصالح الكيانات المسلحة المدعومة من أجندات خارجية وتقويض سيطرة الدولة داخل العاصمة عدن ومحيطها.

وكلما زادت درجة تقويض سيطرة الشرعية على الأرض، تراجعت معها قدرة القيادة على اتخاذ القرار، وتآكلت شرعية القرار الوطني لصالح أجندات خارجية.

ولا يمكن القفز على الحقيقة بأن ثلاثة انقلابات شهدتها عدن، وتشكيل كيانات مسلحة خارج إطار الدولة كالمقاومة الوطنية في الساحل، وإن كانت أهدافها المعلنة تتقاطع مع معركة التحرير، إلا أن طريقة ولادتها وانفصالها عن كيان الدولة الشرعية كانت جزءًا من عملية إضعاف القرار السيادي اليمني.

وحين خرجت عدن ومحيطها من قبضة الحكومة، خرجت معها قدرة القيادة على إدارة المعركة الوطنية، وفقدت زمام السيطرة على جبهات واسعة كالساحل الغربي، والضالع، ولحج، بل وحتى الحديدة.

أما الأخطر، فكان الخطاب الإعلامي والسياسي والأمني المنفلت الذي صور المعركة الحقيقة مع الحوثي لن تحقق أهدافها إلا بنجاح معركة اسقاط "علي محسن" و "هادي"، وسوّق للوهم القائل إن إزاحة الرجلين كفيلة بتحقيق النصر.

وهكذا، وفي لحظة حرجة من التاريخ، تحوّلت معركة غالبية مكونات مجلس القيادة اليوم إلى معركة ضد الرئيس هادي ونائبه والجيش الوطني، وجرى تشويههم وإضعافهم، بينما كان الحوثي يعزز مواقعه.

كل هذا جرى على حساب القضية الوطنية، وعلى حساب القرار السيادي، وعلى حساب حلم التحرير.

حتى آخر لحظة من ولاية الرئيس هادي، ورغم ما واجهه من تضييق سياسي وعسكري، ظل قرار الحرب والسلم في يده، وإن كان ضعيفا محاصرًا.

لكن، ومع إعلان تفويض صلاحياته لمجلس القيادة الرئاسي، تم فعليًا نقل القرار السيادي، وعلى رأسه قرار الحرب والسلم، إلى التحالف بشقيه السعودي والإماراتي.

قد يتساءل البعض: لماذا نعيد سرد هذه الوقائع؟

والجواب: حتى يكون خطاب العميد طارق أكثر صدقًا ووضوحًا.

حين يقول إننا نحارب إذا قيل لنا نحارب، ونتوقف إذا قيل لنا نتوقف، فإنه يعترف صراحة بأننا أصبحنا ننفذ لا نقرر، نتابع لا نُبادر، نقاتل لا نُخطط.

من كانوا بالأمس يروّجون أن هادي ومحسن حجر عثرة في طريق التحرير، يكتشفون اليوم – وربما غدًا – أن هادي ومحسن وواحدية الجبهة الوطنية كانوا مصدر قوتهم، لا عجزهم.

إلى أعضاء مجلس القيادة الرئاسي:

إن استمرار أداء المجلس بهذا النمط الوظيفي الباهت، وهذه المحدودية في الدور السياسي الوطني، يمثل خطرًا وجوديًا على مستقبل البلاد.

آن الأوان أن تُراجعوا أنفسكم قبل أن يُراجعكم الشعب والتاريخ، وأن تغادروا مربع التلقي والانقياد، وتستعيدوا ما يمكن استعادته من القرار والفعل والحضور السياسي.

لا تنتظروا التعليمات، بل اصنعوا الفعل السياسي الذي يُعيد للمجلس شرعيته وكرامته، ويعيد للوطن سيادته وقراره.

فالوطن لا يُحرره الموظفون... بل الرجال الذين يصنعون القرار ولا ينتظرونه.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد