استمعتُ لكلمة فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، وكلمة دولة رئيس الحكومة الدكتور سالم بن بريك.
وللحقيقة، فإن صياغة الخطابين تدل على جهد كبير بُذل في الإعداد والصياغة، لغةً وشكلاً.
لكنني – كما كثير من أبناء هذا الشعب – استذكرت ذات المشهد القديم، في خطابات خالد بحاح، وأحمد عبيد بن دغر، ومعين عبدالملك، وحتى أحمد عوض بن مبارك في محافله المختلفة...
كلها كانت كلمات... كالكلمات.
بينما الواقع ينهار أمام أعيننا، ونحن نسير نحو الهاوية بسرعة تفوق الزمن.
ومع ذلك، فإن أخطر ما ورد في كلمة رئيس مجلس القيادة، هو حديثه الصريح عن عدم اعتزام الحكومة استئناف تصدير النفط بسبب تهديدات ميليشيا الحوثي.
هذا التصريح وحده كافٍ لنسف كل ما ورد في الخطابين من وعود، وتحويلها إلى مجرد صدى صوت لا أكثر.
أما الحديث عن التقشّف، فليبدأ من الأعلى:
عودة الرئيس وأعضاء مجلس القيادة، ورئيس الحكومة، وأعضاء حكومته، ورئيس مجلس النواب، وكل مسؤولي الدولة إلى الداخل.
إلغاء كافة مخصصات الإعاشة والامتيازات، والاكتفاء بصرف رواتب رمزية لهم بالريال اليمني، تكفيهم للعيش الكريم، لا للترف المفرط.
هذه خطوات عملية كفيلة بإعادة بصيص أمل مفقود، وبناء جسور ثقة متآكلة بين الشعب وحكومته.
لكن لا تقف الإصلاحات عند ذلك؛ فثمة قضيتان ملحتان لا تحتملان الانتظار:
1. الكهرباء... ثم الكهرباء.
2. الانضباط في صرف رواتب منتسبي الجيش، وأسر الشهداء، ورعاية الجرحى.
نُدرك أن الحمل ثقيل، وأن الحكومة تعمل في ظروف بالغة التعقيد، وداخل حالة حصار سياسي واقتصادي مفروض عليها، بفعل تفاهمات لم تكن الحكومة طرفًا فيها.
ومع ذلك، فإننا لا نطلب محاسبة الماضي، بل نوجه سؤال الحاضر والمستقبل:
ما هو مشروع الحكومة تجاه تحرير اليمن من الاحتلال الإيراني، سلماً أو حرباً؟
تحدث رئيس مجلس القيادة عن الشفافية، وأكد رئيس الحكومة التزامه بالمصارحة والمكاشفة...
والآن، أنتم أمام الاختبار الحقيقي لمصداقيتكم.
على الحكومة اليوم أن تعلن موقفها الواضح والصريح من "خارطة الطريق" التي يُراد منها شرعنة مليشيا الحوثي وإعادة تأهيلها كشريك سياسي.
كما أن على الحكومة أن تخرج عن صمتها تجاه استمرار تغييبها عن مفاوضات مسقط، التي تُدار بعيدًا عن سلطتها، ثم تُفرض نتائجها عليها.
شخصيًا، أتمنى من دولة رئيس الحكومة أن يفتح صفحة جديدة مع الشعب، أساسها الشفافية، والمكاشفة الصادقة في القضايا المصيرية، لا المجاملات ولا المناورات.
وفي الختام...
أنتم من تعهدتم أمام الشعب بالصدق والمكاشفة.
والشعب الآن ينتظر...
ولا أظن أن الأمر يحتاج لمزيد من الوقت.
تفضلوا، الميكروفون أمام فخامتكم ودولتكم... فهل أنتم على استعداد للمصارحة؟
