ما تعيشه إيران اليوم من عزلة دولية وإقليمية، وحتى شعبية داخلية، ليس صدفة، بل هو حصاد مرّ لسنوات من التدخل والعدوان على سيادة الدول العربية.

إيران تحصد اليوم نتائج سياساتها التخريبية في المنطقة، نتيجة تدخلها السافر في الشأن العربي، ودعمها للانقلابات، وتغذيتها للطائفية، وصناعتها لمليشيات عابرة للحدود تمارس الإرهاب والتدمير الممنهج.

لقد زرعت إيران الفوضى وسفكت الدم في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وشاركت بشكل مباشر أو غير مباشر، وبدعم أمريكي وصهيوني، في قتل أكثر من سبعة ملايين عربي، وتشريد ما يقارب عشرين مليونًا من أبناء هذه الأمة.

إيران التي تُقصف اليوم من قبل إسرائيل، هي ذاتها التي تعاونت معها في اغتيال علماء العراق وتدميره، وإعادته إلى ما قبل قرون.

وهي ذاتها التي صرّحت بعد غزو أفغانستان والعراق بأن نجاح الاحتلال لم يكن ليتم لولا تعاونها المباشر.

إيران التي تتلقى الضربات اليوم هي ذاتها التي تباهت قبل سنوات بأنها تمتلك جيوشًا خارج حدودها، تقاتل في أربع عواصم عربية، وتفرض من خلالها مشروعها الطائفي والمذهبي العدواني.

ماذا قدّمت إيران للمنطقة غير الحروب والدمار والاقتتال؟

لم تكن يومًا مشروع دولة، بل كانت دائمًا مشروع احتلال مقنّع بثوب المذهب والطائفة، معادٍ لأسس التعايش والكرامة الوطنية.

واليوم، تُضرب إيران وتُقصف، ولا تجد من يقف معها،

لا حلفاء، ولا أنظمة، ولا حتى شعوب.

لا أحد يندد، لا أحد يتظاهر، رغم أن من يقصفها هو عدو الأمة الأول: إسرائيل.

إيران اليوم محاصرة بجدار سميك من الكراهية المتجذّرة في وجدان شعوب المنطقة، نتيجة سياساتها العدوانية وسلوكها الاحتلالي.

وما يلفت النظر هو أن هذا السقوط يتم وسط ترحيب شعبي وإقليمي ودولي، حتى ولو كان المنفّذ له هم خصومها القدامى: أمريكا وإسرائيل.

•• الرسالة إلى من لا يزال يكرر أخطاء إيران:

ما يحدث لإيران اليوم يجب أن يكون درسًا قاسيًا لكل من يسير على نهجها في نشر الفوضى والسيطرة على الدول من خلال دعم المليشيات والكيانات المسلحة.

وعلى رأس هؤلاء، الإمارات العربية المتحدة، التي بات واضحًا دعمها لتفكيك بعض الدول العربية، من السودان إلى اليمن، ومن ليبيا إلى الصومال.

كما أن الأشقاء في المملكة العربية السعودية، بما لهم من إرث عميق في تعزيز علاقاتهم مع شعوب المنطقة، مطالبون اليوم بإعادة تقييم سياساتهم، وعدم الانجرار نحو مسارات تدعم الفوضى والمليشيات في بعض الساحات.

فالعالم اليوم يتّجه نحو ترسيخ استقرار الدول، لا تفكيكها،

ومن يختار السير في طريق الفوضى، سيجني نفس مصير إيران، ولو بعد حين،

فالعبرة في النهايات… ولن يرحم التاريخ من يزرع الموت في جسد الأمة.