ظلت ريمة عصية على الفتن، ومحصّنة من الاختراق الطائفي تاريخيًا، وبعيدة عن الرعونة التي تمارسها الميليشيات في معظم المناطق التي تسيطر عليها.

ويُعزى ذلك إلى مستوى الوعي الاجتماعي والتعقّل الذي يتمتع به كثير من وجاهات وقيادات المحافظة، وإلى الاستفادة من التجارب؛ وهو ما حافظ على مستوى جيد من السلم الاجتماعي والتلاحم بين أبناء المحافظة، وحدّد الكثير من أبنائها خياراتهم بالمواجهة خارج ريمة، وفي جبهات القتال.
لكن الحدث الأخير، المتمثّل في الاعتداء على الشيخ صالح حنتوس— المصاب بعديد أمراض مزمنة والذي يعيش في عقده الثمانيني— يرفض الاذلال ويدرك ان موته أشرف من ان يتعفن جسده في سجون الطغاة، وهو مع ذلك لا يشكل خطورة على أحد، هذا الاعتداء على الرجل واهله يحمل الكثير من الرعونة والإجرام والطيش، وسوء الأدب مع الله والوطن.
فالرجل لم يرتكب ذنبًا سوى تعليم القرآن الكريم في المسجد، بعد أن أُغلق دار القرآن التي أسسها قبل سنوات.
نُراهن على حكمة ونخوة وجاهات ريمة، وعلى وعي أبنائها، حتى وإن اختلفنا معهم في بعض خياراتهم.
نأمل منهم أن يحافظوا على السلم الاجتماعي، وأن يتركوا لريمة تاريخها الناصع في مناصرة الحرية، ومواجهة الظلم، ومحاربة الاستقواء بالدخلاء.
ستبقى ريمة، وسيغادر الطارئون مهما علا صوتهم.
فليتذكروا تاريخ السلفية العظيم، التي واجهت المد الطائفي الزيدي منذ البطل الشيخ علي بن يحيى المنتصر، مرورًا بقوافل المناضلين في بواكير ثورة 26 سبتمبر المجيدة، وملحمة السبعين، وحتى أحرار الجبهة الوطنية، وكل مراحل النضال الوطني المشرق.