ذات السياسة العدمية في التعامل مع هجمات مليشيات الاحتلال الإيراني مستمرة، بلا أي مراجعة ولا شعور بالمسؤولية. كان آخرها الهجوم العنيف الذي تعرض له محور علب، وتمكنت قوات الجيش الوطني من صده ببسالة، لكن الثمن كان فادحًا: أكثر من ثلاثين جنديًا وضابطًا بين شهيد وجريح.
سبق ذلك هجمات متكررة في محاور أبين والضالع وتعز ومأرب، ومع ذلك، لم يُحرّك مجلس الدفاع ساكنًا، ولم تُبادر وزارة الدفاع إلى اجتماع طارئ، ولم تُصدر الحكومة أو الأحزاب السياسية بيانًا واحدًا يعترف بخطورة ما يجري. لم يُتعامل مع هذه الهجمات بوصفها إعلان حرب حقيقية، تستوجب تفعيل كل الجبهات، وإعادة ترتيب أولويات المعركة الوطنية.
فأي استهانة أعظم من هذه؟
لماذا يتم استرخاص دماء اليمنيين؟
لماذا يترك أطهر وأنبل الرجال من منتسبي الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وحدهم، يواجهون الجريمة بصدر مفتوح، بينما تقف الدولة بكل مؤسساتها موقف العاجز، أو المتواطئ بصمت؟!
ما نشهده ليس فقط لا مسؤولية قاتلة، بل يمكن وصفه بأنه سياسة تواطؤ متعمد، تندرج ضمن خارطة الخيانة التي يجري إعدادها بصمتٍ دوليّ مريب، برعاية الأمم المتحدة، ومباركة الشقيقة السعودية.
ثلاثون شهيدًا وجريحًا لم تكفِ لتحرّك مجلس القيادة، ولا وزارة الدفاع، ولا الحكومة، ولا حتى ناطقًا رسميًا يصدر بيانًا لذرّ الرماد في العيون. فكيف، بالله عليكم، ننتظر من هؤلاء أن يغضبوا لدمائهم، أو يفكروا في الثأر لهم، وهم عاجزون حتى عن الاعتراف بسقوطهم؟!
إن لم تكن دماء الشهداء كافية لتحريك ضمير السلطة، وإن لم تكن تضحيات الأبطال في الجبهات سببًا لعقد اجتماع أو بيان، فكيف ننتظر من هؤلاء أن يقودوا وطنًا؟
إن الصمت على هذه الجريمة هو خيانة مكرّرة، وترك الأبطال يواجهون الموت وحدهم، هو تجريد فاضح للشرعية من أي شرف وطني أو أخلاقي.
في كل مرة يسقط فيها شهيد، تُسقط هذه السلطة ورقة أخرى من شجرة شرعيتها، وتثبت أنها لم تكن يومًا على مستوى المعركة، ولا على قدر دماء الشهداء.
فمن لا يتحرك لدماء رجاله، لا يستحق أن يقودهم.
ومن لا يثور لكرامة جيشه، لا يحق له أن يتحدث باسم وطنه.